“دستور أزمة سينتج أزمات أخرى ولن يحل القائم منها”

38serv

+ -

هل الخلاصة التي وصلت إليها بخصوص احترام الشكلية القانونية فقط في منهجية كتابة الدساتير في الجزائر ستنطبق على التعديل الجاري في اعتقادكم؟ أظن أن تعديل الدستور الجاري إعداده جاء ليكرس بشكل فج التجربة التي تكلمت عنها في الدراسة، وعلى رأسها إبعاد المواطن الجزائري عن المشاركة في وضع دستور بلده، وتعويضه بمجموعة محدودة من السياسيين وبعض النخب العلمية، التي تقوم بتغليف إبعاد المواطن بخطاب يريد أن يحافظ على نوع من الشكلية القانونية على حساب روح الدستور ومقاصده. أحسن مثال على ذلك ما تم بخصوص العهدة الرئاسية، فالأوساط والوجوه التي روجت لعدم تحديدها في 2008 ومررت اغتصاب المادة الدستورية التي تحددها في دستور 1996، عن طريق برلمان مشكوك في شرعيته، هي نفسها النخب ومراكز القرار والوجوه التي تحاول إقناع المواطن الجزائري اليوم بإعادة العمل بتحديد العهدة بمناسبة التعديل المقترح، دون أن يمنح للمواطن تفسير لهذا التغيير في المواقف واللعب بالدستور وشرعيته، لنكون فعلا أمام مسألة ذات بعد أخلاقي قد يتجاوز مفهوم السياسة ذاتها.هل الفرصة التي ضيعتها الجزائر بإفشال مسعى فرحات عباس بإنتاج دستور عبر مجلس تأسيسي، بإمكانها أن تستدرك لاحقا في ظل مطالبة جزء من المعارضة بها في مبادراتها المطروحة ؟ لا أظن أن يكون هناك استدراك وخروج عن المألوف. موازين القوى الحالية تؤكد أننا ذاهبون إلى نفس الاتجاه، كعدم احترام رأي المواطن الذي لن يشارك هذه المرة في إنتاج دستوره. إنها فرصة ضائعة أخرى أمام الجزائر سيتم دفع ثمنها السياسي في وقت بدأت شعوب قريبة أخرى، مثل تونس، في إنتاج دستور توافقي عن طريق مجلس تأسيسي. لا زلنا نحن نعيش مرحلة دساتير لا تعكس رأي المواطن وتبعده بشكل فج كما حصل في ما سُمّي بالمشاورات الأخيرة، التي حاور فيها النظام واستشار نفسه لكي ينتج لنا دستورا لن يعيش طويلا، ولن يحظى بقبول المُواطن كما كان الحال في السابق.ما هي المخاطر المتولدة عن اعتماد دستور يقصي الشعب من المشاركة فيه؟ المخاطر معروفة وعشناها، ولازال إنتاج دستور أزمة سينتج أزمات أخرى، ولن يحل القائم منها. دستور لا يعكس طموحات المواطن. دستور بعيد عن روح العصر الذي نعيشه. دستور لن يساعد على حل مشاكل الجزائر الحالية ولا المستقبلية. هو دستور لن يعمر طويلا بالتأكيد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: