38serv
يعود المدير السابق لمصلحة النزاعات والشؤون الاجتماعية بوزارة العدل، والإطار السابق في وزارة المجاهدين ومفجر قضية المجاهدين والقضاة المزيفين، بن يوسف ملوك، في هذا الحوار مع “الخبر”، إلى القضية التي كشفها ومايزال يتابعها ويدافع عنها منذ 22 سنة، إلى آخر تطوراتها المثيرة التي تلقى بشأنها دعما من طرف ضباط في المخابرات، وتهديدا بالقتل وحرق منزله.ما خلفية التهديدات بالقتل التي تقول إنك تلقيتها مؤخرا؟ بدأت من زيارة سيناتور لي في منزلي وعضو في المنظمة الوطنية للمجاهدين، وعضو أيضا في الاتحاد الوطني للفلاحين، وقد أبلغني أنه مبعوث باسم مجموعة من الضباط في جهاز المخابرات، ليعلمني أنهم يساندونني في قضية كشف المجاهدين والقضاة المزيفين. لكنني لم أقتنع بكلامه، وسألت عن السبب الذي دفع هؤلاء الضباط لمساندتي في قضيتي بعد 22 سنة من الصمت، وبعد أن خسرت أيضا كل شيء، ثم غادر بيتي وضرب لي موعدا في القريب ولم ألتق به مجددا لحد الآن.هل اعتبرت هذه الزيارة تهديدا لحياتك ؟ لا يمكنني أن أعتبرها تهديدا، لكني لم أعرف أسبابها، ولم أستبعد أنهم ينوون خداعي. فمن غير المعقول بعد كل هذه السنوات الطويلة، أن يظهروا فجأة ويعرضوا علي الدعم في قضيتي، لاسيما وأنني كشفت عن شخصيات خانت البلاد باسم الجهاد بصفتهم مجاهدين مزيفين، ويوجد من بينهم إطارات سامية يشتغلون إلى الآن في مناصب حساسة.وهل توقفت التطورات عند هذا الحد؟ لا طبعا، فقد زارني مجموعة من المجاهدين بعد زيارة ذلك السيناتور، وهددوني بحرق منزلي إذا فتحت مرة أخرى ملف المجاهدين المزيفين. والغريب أن كل السلطات المعنية والمنظمات الحقوقية وصلها خبر التهديد، لكن لم يحرك أحد ساكنا، حتى منظمة المجاهدين. كما استغربت صمتا كبيرا من الجمعيات التي تدافع عن حقوق الإنسان، مع أني أعلم جيدا أنهم لن يتحركوا لأّن بينهم محامين على دراية تامة بأسماء القضاة المزيفين الذين يتبوأون مناصب حساسة في أجهزة الدولة، وتربطهم بهم علاقات قرابة ونسب. وهنا يجب التنبيه إلى أن الجمعية الوحيدة التي وقفت إلى جانبي هي تلك التي تضم المجاهدات، على غرار جميلة بوحيرد والمجاهدتين أوزڤان وأكرور، دون أن أنسى المحامي مقران آيت العربي الذي وقف مع قضيتي منذ 1992 إلى يومنا هذا.وزير المجاهدين الطيب زيتوني كذّب مؤخرا وجود مجاهدين مزيفين، وقال إن ما يقال بهذا الشأن كلام فارغ.. هل يجرؤ الوزير ذاته على أن يصف كلام رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي صرح بعظمة لسانه بتاريخ 7 جوان 2000 لدى لقائه مع إطارات ولاية وهران بأن 50 بالمائة من الملفات الموجودة بوزارة المجاهدين مزورة؟.وهل يمكنني أن أتلاعب طيلة 20 سنة بوسائل الإعلام وكبار الصحفيين، الذين كانوا يتابعون القضية إذا لم تكن حقيقة، إلى جانب أن السعيد عبادو لما كان وزيرا للمجاهدين سنة 1996، وكذا الوزير السابق محمد الشريف عباس، اعترفا بوجود مجاهدين مزيفين. ولا أتعجب من تصريحات الوزير الطيب زيتوني إذا كان الجميع متورطا في القضية فلا يوجد من يحاسب من، رغم أن قضية المجاهدين المزيفين هي من صناعة النظام الذي يعيش مأزقا حقيقيا حاليا بسببها. وهنا أوضح أن التاريخ في الجزائر لن يقوم سوى بالرجال، لكن للأسف هذا الصنف إما يقتلون أو يسجنون أو يهربون إلى الخارج.قلت إن الرئيس يجهر بوجود مجاهدين مزيفين، فلماذا لم يفتح الملف؟ لأنه ببساطة سيجد نفسه مضطرا إلى كشف متورطين في مختلف أجهزة الدولة، ويجد أيضا مجاهدين وقضاة مزيفين يستحوذون على مناصب حساسة، بتواطؤ من مجاهدين حقيقيين معروفين، لكن هؤلاء لن يتجرأوا على كشف القضية، لأن النظام نجح في سد أفواههم عبر امتيازات ضخمة، لكنهم ليعلموا أنهم خانوا الشهداء والتاريخ والشعب.ما مصير ملفات المجاهدين والقضاة المزيفين برأيك؟ في ظل النظام الحالي لن تعرف هذه الأزمة حلا على الإطلاق، رغم أنني قدمت أسماء ونشرت قوائم شملت شخصيات كبيرة.هل تؤيد فكرة إلغاء وزارة المجاهدين؟ هي الفكرة الوحيدة التي أتفق فيها مع رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، الذي طالب بإلغائها وتحويلها إلى كتابة دولة، ومازلت أطالب بها، مع ضرورة تطهير صفوف المجاهدين الحقيقيين من المزيفين، لكن من يملك الشجاعة الكافية ليفعلها؟ وهنا أتذكر حديثا جمعني برئيس الحكومة المؤقتة بن يوسف بن خدة قبل وفاته بحوالي خمس سنوات، إذ قال لي: “يا ملوك قضيتك لن تعرف حلا لأن هؤلاء المجاهدين والقضاة المزيفين استولوا على النظام، ولن يستطيع أي رئيس أو وزير أو شخصية قوية أخرى فتح الملف لأنهم متورطون. وإذا كان الجهاد توقف سنة 1962، فإنك أنت مازلت تجاهد، لكن أوصيك بأن لا تنازل عن الملف على الأقل مع الصحافة وترك التاريخ يشهد على ذلك.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات