كان المدافع بامتياز عن سياسات بوتفليقة طيلة 15 سنة من الحكم. كان صوته المدافع عن قضية الصحراء الغربية، والمعبر عن آرائه المعادية للمغرب. كان أول من دعا إلى ترشيحه لعهدة رابعة، وأشد رجال الرئيس ولاء من واجهوا خصومه في موضوع عجزه عن أداء مهامه بسبب المرض. وضع طموحه الشخصي في الرئاسة تحت نعليه، حتى لا يثير غضب من يحرص على التشبث بكرسي الرئاسة إلى آخر رمق.. كل هذا لم يشفع له عند بوتفليقة.يعد عبد العزيز بلخادم، الذي تعرض أمس لتصفية سياسية شبيهة بإزاحته من المشهد في 1992، من أشهر السياسيين الجزائريين بعد الاستقلال، إذ مارس مهام كبيرة في الدولة، منها رئاسة المجلس الشعبي الوطني، الذي تم حله مطلع 1992 من طرف قادة الجيش، لمنع الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الوصول إليه، بعدما حققت فوزا ساحقا في أول انتخابات تشريعية تعددية جرت في البلاد أواخر 1991. ومعروف أن بلخادم نفسه لم يكن على علم بحل البرلمان.وظل بلخادم طيلة سنوات التسعينات يواجه “تهمة” انتمائه للتيار الإسلامي بسبب تدينه ولحيته التي لم يحلقها أبدا. وكان وزير الدفاع سابقا الجنرال خالد نزار من أشد خصومه، إذ سبق له أن اتهمه بـ«التخابر مع سفارة إيران بالجزائر لدعم الإرهاب”. واللافت أن بلخادم لم يرد أبدا على التهم التي لاحقته.وبعد حل البرلمان، حافظ على موقعه القيادي في الحزب كعضو في المكتب السياسي، تحت إشراف حليفه السياسي آنذاك الراحل عبد الحميد مهري. وفي 1996 أزاح قياديون في الحزب مهري ومعه بلخادم، على أساس أنهما “أبعدا الحزب عن خطه الوطني الأصيل”، وذلك بسبب مشاركة مهري في اجتماعات سانت إيجيديو بروما.وبقي بلخادم لسنوات بعيدا عن الأضواء، إلى أن وصل عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم عام 1999 فانتشله من عزلة قاتلة فرضت عليه. ففي العام الموالي عينه وزير دولة للشؤون الخارجية، وبقي في المنصب حتى 2005. وبلخادم هو أيضا ناطق غير رسمي باسم الدولة الجزائرية، بشأن موقفها من قضية الصحراء الغربية، والخلاف الأزلي مع المملكة المغربية.وطلب بلخادم من الرئيس بوتفليقة إعفاءه من منصب وزير خارجية، بغرض التفرغ لـ«جبهة التحرير الوطني” بعدما أصبح أمينا عاما لها بداية 2005 خلفا لعلي بن فليس، خصم بوتفليقة اللدود في انتخابات 2004. وخطف بلخادم الأضواء في قمة الجامعة العربية التي عقدت بالجزائر في مارس 2005، فقد اشتهر بوضع حد لجدل حاد احتدم في عز تلك القمة، حول التطبيع مع إسرائيل، إذ صرح بأن “الجزائر أرض الشهداء لن تكون أبدا محطة ينطلق منها التطبيع مع الكيان الإسرائيلي”.وقاد بلخادم الأفالان مستفيدا من إجماع كل القياديين والمناضلين، لاعتقادهم أنه يحظى بثقة رئيس الجمهورية. ووضع بلخادم الحزب في واجهة الأحداث السياسية طيلة 10 سنوات، وكان من أكثر السياسيين تفاعلا مع الأحداث داخليا وخارجيا. وفي ماي 2005 أصبح بلخادم وزيرا للدولة ممثلا للرئيس، وهو منصب استحدث له وكان عاكسا لمدى قربه من بوتفليقة، الذي يعود إليه الفضل في إخراج بلخادم من عزلة سياسية طويلة، فرضها عليه جنرالات في الجيش بسبب ما أشيع عن قربه من الإسلاميين. وفي 24 ماي 2006 عين رئيسا للحكومة. وبقي في المنصب سنتين، قبل أن يخلفه أحمد أويحيى. وبلخادم هو أول من أعلن أن بوتفليقة هو مرشح جبهة التحرير لفترة رئاسية رابعة. كان ذلك في جانفي 2012، ومع هذا قال عنه خصومه في الحزب إنه يحضر نفسه لانتخابات الرئاسة عام 2014، وإنه سيكون مرشح التيار الإسلامي فيها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات