ورق ورق ورق.. دولــــــــــــــــــة مــــــــــــــــــــــــن ورق

+ -

صعد إلى السيارة يتصبّبُ عرقا وقال للسائق: “من فضلك إلى وزارة الخارجية.. جلس أخذ أنفاسه قليلا ثم قال جئت من ولاية الشلف لأستخرج أوراقا، لقد تعبت، أنا مريض ومنذ أشهر أذهب وأجيء من أجل الأوراق، كلما أضفت ورقة إلى الملف، حتى تطلب مني جهة أخرى ورقة أخرى وهكذا.. وكل ورقة تتطلب لوحدها ملفا من الأوراق، قالها بمرارة ووجه مسود من التعب.. يوما ما سنحرق الأموات حتى لا نضطر لاستخراج المزيد من الورق لأجل دفنهم.. علق على كلامه السائق.. نعم يا أخي.. أيها المواطن البسيط، أنت في دولة من ورق، وطن قائم على كومة من الأوراق، وأقول الأوراق، لأن أهش شيء بعد بيت العنكبوت هو بيت من ورق.. ولست الوحيد أيها المواطن الذي يشتكي من كثرة الورق والتسيير بالورق.. كثير من رؤساء المؤسسات الاقتصادية اشتكوا من بيروقراطية الإدارة وكثرة الأوراق، التي يجب أن يستخرجونها من أجل ملف استثمار أو طلب أي شيء، مما عطل عديد المشاريع.. بل إن كل شيء من ورق، حتى الأوراق أصبحت تتطلب لأجل استخراجها أوراقا أخرى من اللون الأصفر وحتى الأخضر والأزرق (الدولار والأورو).. فبعض الإدارات تطلب الرشاوى وأحيانا بالعملة الصعبة، إن كانت الأوراق تتطلب التصديق عليها.. نعم. ألا ترى أن كل شيء من ورق..

نحن دولة من ورق.. ليس في الأوراق التي نؤلف منها الملفات فقط، والتي ترمى دون أن يُنظر فيها، بل 90 في المائة من قرارات هذه الدولة “الورقية” تبقى على الورق.. وكم هي القرارات والتشريعات والقوانين التي بقيت على الورق.. حتى المحاكمات التي تمت باسم الدولة للحد من الفساد “الورقي النقدي” بقيت على الورق، ومنها ما أتلف بعد حرق المحاكم، ألم نقل انه لا شيء أكثر هشاشة من الورق .. وحتى تقارير لجان التحقيق التي تنشأ هنا وهناك بعد كل كارثة أو مصيبة تقع، تبقى على الورق، وكم تستهلك هذه اللجان من الورق النقدي وهي مجرد ورق.. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: