أوقفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، التجسس على الحكومات الصديقة في أوروبا الغربية، ردًا على الضجة التي نشبت عقب اعتقال ألماني يبيع معلومات استخبارية إلى الولايات المتحدة، وكشف إدوارد سنودن، عن معلومات سرية تحتفظ بها وكالة الأمن القومي، وفقًا لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين. يأتي وقف عقود من التجسس، الذي لا يزال ساريًا بشكل جزئي، بهدف منح ضباط وكالة الاستخبارات الوقت لإعادة النظر في الاحتياطات الأمنية وتقييم ما إذا كان التجسس على الحلفاء يستحق مخاطر المجازفة، بحسب مسؤول أمريكي على اطلاع بالقضية.وبموجب القرار الجديد، سيحظر بشكل كبير على ضباط الوكالة في أوروبا القيام بعمليات أحادية مثل لقاء مصادرهم التي جنّدوها داخل الحكومات الحليفة، والتي تُعد حجز الزاوية في عمليات التجسس.وسيسمح لضباط الوكالة بلقاء نظرائهم في أجهزة استخبارات الدولة المضيفة، والقيام بعمليات مشتركة مع وكالات الدول المضية بموافقة هذه الحكومات. ومؤخرًا أعيد تدشين العمليات الأحادية التي تستهدف مواطني دولة ثالثة، كالروس في فرنسا على سبيل المثال. لكن غالبية اللقاءات مع المصادر من أبناء الدول المضيفة لا تزال متوقفة، وكما هو الحال بالنسبة للعملاء الجدد.وقال مسؤول سابق بوكالة الاستخبارات المركزية، طلب عدم ذكر اسمه، إن وقف التجسس أمر شائع عقب انتهاء العمليات، لكنه "لم يكن بهذا الطول أو العمق على الإطلاق". وكان التوقف الذي دخل حيز التنفيذ منذ نحو شهرين بأمر مسؤولين بارزين في الوكالة عبر مراسلات سرية.التوقف الحالي هو أحد جوانب تداعيات اعتقال موظف بالاستخبارات الألمانية في الثاني من يوليو، والذي أبلغ السلطات أنه نقل 218 وثيقة استخبارية ألمانية إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية.وفي قضية ثانية، فتشت السلطات منزل ومكتب مسؤول دفاعي ألماني يشتبه في تجسسه لصالح الولايات المتحدة، لكنه أنكر القيام بذلك ولم توجه له أي اتهامات. وعقب أيام قلائل طلبت الحكومة الألمانية من مسؤول وكالة "سي آي إيه" في برلين مغادرة الأراضي الألمانية، وهو ما كان مطلبًا غير مسبوق من حليف أمريكي. وتعكس الخطوة مدى جدية الموقف لدى الألمان، الذين شعروا بالألم جراء التسريبات التي كشفها سنودن، مسؤول الأنظمة بوكالة الأمن القومي السابق، الذي قال إن الوكالة تتنصت على الهاتف الجوال للمستشارة أنجيلا ميركل.أثارت هذه التسريبات غضب المستشارة الألمانية، التي طالبت الرئيس باراك أوباما بمبررات لذلك. تسبب ذلك في حرج لقادة العالم وأثار شكوك الكثير من الألمان بشأن التعاون مع الولايات المتحدة.ويشعر مديرو وكالة الاستخبارات المركزية، بالقلق من أن يدفع الحادث الأجهزة الأمنية الأوروبية إلى مراقبة ضباط وكالة المخابرات المركزية عن كثب، فقد أعلن العديد من ضباط الوكالة في أوروبا، الذين يعملون انطلاقًا من السفارات الأمريكية، عن وضعهم باعتبارهم عملاء استخبارات إلى البلد المضيف.إلا أن وقف أنشطة التجسس يأتي في وقت غير مناسب، حيث تشعر الولايات المتحدة بالقلق تجاه المتطرفين الأوروبيين الذين توجهوا للقتال في سوريا، ورد أوروبا على العدوان الروسي والعداء الأوروبي تجاه شركات التكنولوجيا الأمريكية في أعقاب الكشف عن تقديم هذه الشركات البيانات إلى وكالة الأمن القومي.ورغم التعاون الوثيق الذي يجمع الولايات المتحدة بأوروبا في محاربة الإرهاب، إلا أن التجسس يمكن المسؤولين الأمريكيين من فهم ما يخطط له حلفاؤها وأفكارهم، سواء حول مكافحة الإرهاب أو محادثات التجارة.وحدة "إي يو آر"، كما يطلق عليها داخل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، تغطي كندا وأوروبا وتركيا. وعلى الرغم من أن التجسس على الحلفاء الغربيين لا يشكل أولوية قصوى، إلا أن تركيا تعتبر هدفًا ذا أولوية كبيرة - فهي دولة إسلامية تعقد محادثات مع خصوم الولايات المتحدة مثل إيران في الوقت الذي تتقاسم فيه الحدود مع سوريا والعراق، ولم يعرف إلى مدى أثر التوقف على العمليات في تركيا.الدول الأوروبية أيضًا استخدمت مسارات آمنة لعقد لقاءات مع ضباط وكالة الاستخبارات الأمريكية ومصادرهم في الشرق الأوسط والمناطق ذات الأهمية الكبيرة. هذه الاجتماعات جرى نقلها إلى مناطق أخرى أثناء تطبيق التوقف.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات