قالت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حاول ولأكثر من ثلاثة اعوام تجنب التورط في سوريا، ولكنه هذا الإسبوع وبعد وقوع مناطق واسعة تحت سكين الجهاديين أجبر أخيرا على مواجهة ما لا يمكن تجنبه. ففي 23 أيلول/ سبتمبر، قادت أميركا سلسلة من الغارات على سوريا ضد محاربي تنظيم الدولة المعروف بـ "داعش"، وخلية مجهولة للقاعدة اسمها "خراسان"، والتي قالت أميركا إنها تقترب من تنفيذ هجمات ضد الغرب.وتعلق المجلة قائلة "إن رئيسا، كان ينظر لمهمته كرئيس يعمل على بناء الأمة في داخل بلده، يستخدم اليوم قوة أميركا العسكرية في ستة بلدان – سوريا، العراق، أفغانستان، باكستان، اليمن والصومال".وتضيف أن"العملية في سوريا رد ضروري ومواز لهجمات أميركا ضد (داعش) في العراق. فمنع الجماعة من رسم حدود خلافة لها يعني، على الأقل، التأكد من عدم تحول أي من هذين البلدين لملجأ أمن لها".ويحصر التدخل مستقبل "داعش" في شوارع الرقة والموصل، فمحاولة أوباما التصدي للجهاديين تمثل امتحانا لالتزام الولايات المتحدة بالأمن الدولي، وهو امتحان فشلت فيه حتى الآن، بحسب المجلة. وتشير المجلة إلى إن الشعور بكون أميركا انغلقت على نفسها وتراجعت تزايد في السنوات القليلة الماضية، وجاء في وقت رزحت فيه تحت ثقل أزمة اقتصادية خانقة، وتحملت عبء حربين طويلتين. وعليه، فلماذا تستمع دول غنية جديدة مثل الصين لمحاضرات رئيس حول كيفية إدارة شؤون بلادها، في الوقت الذي يكافح فيه من أجل تمرير ميزانية حكومته؟وترى المجلة أن الولايات المتحدة وجدت نفسها في بحر من قوى معادية للنظام والقانون وغير قادرة على تثبيت عالم يبدو أنه يخرج عن السيطرة. ويجسد "داعش" هذه الظاهرة المخيفة. فهو وبرطانة السياسة، لاعب وليس دولة وينتعش في الفوضى، وفي كل مرة يهين فيها التنظيم الحكومتين العراقية والسورية يزداد ثروة ويتوسع مساحة ويزيد عدد أتباعه.ويأتي صعود "داعش"، كما تقول المجلة، نتيجة للسياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، منذ التدخل الذي خطط له جورج دبليو بوش بشكل غير مدروس، والذي طبع بالتسرع، ورفع يافطة "المهمة أنجزت" على ظهر البارجة "يو أس أس ابراهام لينكولن" في أيار/ مايو 2003. وتتابع المجلة: ثم جاء إصرار أوباما على عدم فعل شيء ضد نظام الأسد، فقد وقف جانبا على أمل ان تنتهي الحرب وتحل نفسها بنفسها، وهو ما أطلق يد الأسد حرة في ارتكاب المجازر ضد شعبه، وحتى عندما اجتاز "الخط الأحمر" باستخدامه السلاح الكيماوي، لم تفعل القوة العظمى في العالم أي شيء لمعاقبته. ومنذ بداية الحرب قتل 200.000 سوري و10 ملايين أجبروا على ترك بيوتهم. وتفككت المعارضة السورية، التي حرمت من الدعم الأميركي في البداية، مما ترك الساحة للجماعة المتوحشة "داعش"، بحسب التقرير.وتضيف المجلة أن الوقوف جانبا لم يكن لصالح أوباما في مناطق أخرى من العالم، فقد تحدث أوباما عن حدود القوة الأميركية، حاثا الحكومات الأخرى ممن لها مصلحة في النظام اليوم للعب دور في الحفاظ على العالم آمنا. فقد أراد إبعاد الصورة عن أميركا، بكونها البلطجي الذي يتخذ قرارات فردية، وكان يريد أن يظهر بمظهر القائد الذي يقود الرأي العام العالمي. والمشكلة أنه عندما تراجعت أميركا خطوة للوراء، تراجع معها حلفاؤها أيضا خطوة للوراء. في حين تقدمت للأمام الدول المنافسة لها مثل روسيا والصين، كما أوردت الإيكونوميست.وتلفت المجلة إلى أن صعود "داعش" غيّر موقف الأميركيين. فقبل قيام المتطرفين بالسيطرة على الموصل والبدء بقطع رؤوس الأجانب، عبّر الرأي العام الأميركي عن شكه بمزايا عملية عسكرية جديدة في الشرق الأوسط. ولكنهم عندما وجدوا أن تنظيم الدولة يهددهم مباشرة بدأوا يطالبون بالحماية. وعليه فلدى أوباما الفرصة لتوجيه ضربة ليس فقط لتحقيق النظام في الشرق الأوسط، ولكن لوقف تراجع أميركا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات