+ -

 ما يحدث في الجزائر هو استهداف ممنهج ومخطط له حسب أجندات تهدف إلى زعزعة البلاد، من أجل إضعافها لتسهيل تقسيمها فيما بعد، وقد حدث هذا مع السودان الشقيق لنعلم أنّ اتفاقية اتفاقية “سايكس بيكو” لا تزال سارية المفعول.هذه المخططات تسعى إلى إضعاف الجبهة الداخلية وإيجاد القابلية ليلج العدو من خلالها، كما بيّن ذلك عالمنا الجليل مالك بن نبي. وسأضرب لكم مثالا حياً، نحن نعيش في أوروبا لماذا لا يستهدفوننا ولا يحاولون تنصيرنا، مع أنّ العديد من المسلمين يعيشون أزمة مالية حادة، وأحيانا لا يجدون أمامهم إلاّ طريق العودة، كما حدث مع المهاجرين المقيمين في إسبانيا وإيطاليا وبعض الدول الأوروبية الأخرى.فالسؤال المطروح لماذا لا يغدقون عليهم بالأموال ويمنحوهم البيوت دون إيجار ويستغلوا لحظة ضعفهم؟ والجواب على هذا السؤال ببساطة وبصراحة: هم لا يريدون ذلك ولا يريدون التبشير من أجل التنصير، بل من أجل أغراض وأطماع إمبريالية استعمارية لا ترحم صغيرا ولا تبجّل كبيرا ولا تعطف على مسكينا ولا تحنُّ على يتيما، وخلاصة لا تريد خيرا لبلداننا ولا لشعوبنا التي يراد لها أن تكون أذنابا تابعة خاضعة مطيعة لأسيادها.وإذا عدنا إلى حقيقة من يدّعون أنّهم تنصّروا نجد أنّ الأسباب التي جعلتهم يجرؤون على مثل هذا التصرف هي أسباب مادية بحتة أو انتقامًا لشيء ما أو من أشخاص، والمساكين لا يشعرون أن كل هذا ما هو إلاّ وهمٌ وسرابٌ يحسبه الظمآن ماءً.ولهذا نقول لإخواننا الذين نعطف عليهم ونريد لهم الخير، كلّ الخير، أن يرجعوا إلى صوابهم وأن لا ينخدعوا بالمغريات ولا ينجرّوا إلى أمور لا تحمد عقباها، ونقول ما قاله تعالى في كتابه العزيز: {ففروا إلى اللّه إنّي لكم منه نذير مبين، ولا تجعلوا مع اللّه إلهًا آخر إنّي لكم منه نذير مبين}، وقال أيضا: {ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفّارًا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهمُ الحقُّ..}. فالحذر الحذر والفطنة الفطنة، فالمؤمن كيّسٌ فطن.أريد أن أُذكّر بذلك الموقف الذي كان من أحد الثلاثة الذين تخلّفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك الذين قال اللّه فيهم: {وعلى الثلاثة الذين خُلّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من اللّه إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن اللّه هو التواب الرحيم} وهو كعب بن مالك لمّا بعث إليه ملك غسّان يريد استدراجه ويقول له في رسالته: أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك اللّه بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. قال: فقلت حين قرأتها: وهذه أيضا من البلاء فتيممت بها التنور فسجرته بها. هذه هي المواقف التي يجب أن تصدر من مؤمن أسوته رسول الهدى صلّى اللّه عليه وسلّم القائل: “قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصدّه ذلك عن دينه واللّه ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللّه والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون” رواه البخاري.ونقول للقائمين على شؤون البلاد والعباد أن يتقوا اللّه في رعيتهم بتأدية واجبهم على أحسن حال والقيام بالمسؤولية المنوطة إليهم اتجاه شعبهم وأمتهم. وإذا أردنا العلاج فالوقاية خير من العلاج، فكيف نتصدى لمثل هذه الظواهر: بالتحصيل العلمي والتوعية المكثفة والتربية والحثّ على مكارم الأخلاق وتفعيل دور الأئمة والمرشدين والمثقفين على أرض الواقع بالاحتكاك مع عامة الناس، لا أن يكون مجرد كلام يقال على المنابر أو على شاشات التلفاز.وأختم كلامي بقوله تعالى: {يا أيّها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اللّه بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل اللّه ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه واسع عليم}. وأخيرا أدعو اللّه جلّ في علاه أن يحفظ أمّتنا وشعبنا وبلادنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين، وأن يجعل تدبير المعتدين في تدميرهم، وأن يجعل كيدهم في نحرهم، وأن يجعل الدائرة عليهم، ونسأله تعالى أن يأخذ بناصية شبابنا إلى الهدى على طريقه المستقيم ويثبتنا وإيّاهم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة هو وليُّ ذلك والقادر عليه وصلّى اللهم على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيّبين وآخر دعوانا الحمد للّه ربّ العالمين.*رئيس الجالية الإسلامية في بارما، إيطاليا

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات