عودة لافتة للجدل في قضايا الرأي وحرية الكتابة في الجزائر

+ -

 لم يكن عام 2014 ليغمض طرفه على المشهد السياسي في الجزائر، حتى كانت أكثر من قضية متصلة بالمحظور السياسي والاجتماعي والديني، محل جدل سياسي وإعلامي ساخن، وطغت في بعض الأحيان على كبرى الاهتمامات الأساسية للجزائريين، فيلم اقترب من مقدس الثورة، ورواية تداخلت نصوصها مع المقدس الديني، وكتاب عن عادات التوارڤ، بحث في الموروث والعادات ومنشئها، وأخيرا تصريحات سعدي التي خاضت في المحظور السياسي.ففي تلك الليلة، كان المخرج السينمائي إلياس سالم بصدد عرض فيلمه “الوهراني” للمرة الأولى في قاعة سينمائية في مدينة وهران، دعا سالم إلى العرض كبار المجاهدين وقدماء المحاربين والمثقفين، لكن القاعة التي كان ينتظر المخرج أن تصفق له ولفيلمه، ارتدت عليه بقوة، واتهمته بالردة السياسية، ما إن مرت بعض اللقطات التي اعتبرتها الأسرة الثورية مساسا بشرف المجاهدين.وقد حاول مخرج الفيلم إلياس سالم توضيح موقفه، باعتبار أنه اجتهد وحاول تقديم رؤية نقدية للأحداث، دون الوقوع في قبضة المقدس التي تنحاز إليها الأفلام المتصلة بثورة التحرير. وقال في تصريحاته إن “وقائع الفيلم تنطلق من منظور خيالي، لا تعبر بالضرورة عن واقع”. قضية أخرى شهدها الفضاء السياسي والفكري في الجزائر، تتعلق بكتاب أصدرته الباحثة في الأنثروبولوجيا، مريم سبابو، حول عادات التوارڤ وسكان الصحراء، بعنوان “تن كيل سبيبة - في معنى شعيرة عاشوراء بواحة جانت”، والذي يبحث في تاريخ ومنشأ بعض العادات والتقاليد القديمة للتوارڤ، وهيّج جزء من مضمون الكتاب أعيان مدينة جانت بولاية إليزي، واعتبروه طعنا في شرف السكان، وطالبوا الحكومة ووزارة الثقافة بسحب الكتاب، حيث استجابت لهذا المطلب، خاصة بالنظر إلى حساسية الظرف الذي تمر به مناطق الجنوب، والتي تشهد احتجاجات شعبية متباينة المطالب، وردت الكاتبة مريم سبابو على ما اعتبرته سوء فهم لمضمون كتاب أخذ منها 15 سنة من البحث والاجتهاد. لكن أبرز القضايا المثيرة المتصلة بالفكر والرأي، كانت تلك المتعلقة برواية “ميرسو... تحقيق مضاد” للكاتب كمال داود، والتي تضمنت شخوصا افتراضية، تتقول في الرواية ما اعتبرها ناشطون إسلاميون قذفا بحق الذات الإلهية، وأصدر رئيس حزب الصحوة السلفي (غير معتمد) زيراوي عبد الفتاح حمداش بيانا، اتهم فيه الكاتب داود بالتصهين وسب الذات الإلهية، وطالب السلطات بمحاسبته وإعدامه، ما أثار جدلا كبيرا حول عودة ما اعتبره مثقفون فتاوى التكفير والحجر على الرأي، وعرفت القضية طريقها إلى المحاكم.بدأت سنة 2014 بقضية رأي تتعلق بإحالة الرسام الكاريكاتوري جمال بوغانم إلى المحكمة بتهمة المساس بشخص رئيس الجمهورية، بعد رسم كاريكاتوري عبر فيه عن موقفه من العهدة الرابعة. وبدأت سنة 2015 بقضية تصريحات سعيد سعدي حول بن بلة وعلي كافي ومصالي الحاج، التي خاضت في ملفات الثورة، ما يطرح مجددا قضايا الحق في مناقشة الرواية الرسمية للتاريخ، والمساحات المتاحة للنقاش في المقدس الديني والسياسي، والموروث الاجتماعي والثقافي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: