سيدهم: “إصدار الحكم سيخضع للسلطة التقديرية لوكيل الجمهورية”صنّف قانونيون تحدثت إليهم “الخبر” تصريحات أدلى بها الرئيس السابق للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ضد مصالي الحاج وأحمد بن بلة وعلي كافي، الذين اتهمهم على التوالي بالخيانة والعمالة ومعاداة القبائل، في إطار “القضية النادرة التي لم يسبق للقضاء أن تعامل معها”. وأفاد هؤلاء المحامون بأن “إدانة سعدي بتهمة القذف قضية صعبة على القضاء، لأنّها ستخضع للسلطة التقديرية لوكيل الجمهورية، بحكم أن القضية تتعلق بوقائع تاريخية والتاريخ لا يخضع للمحاكمة”. أفاد المحامي ورئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان السابق، بوجمعة غشير، “القضية التي أمر وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد بالتحقيق فيها بتهمة القذف ضد تصريحات سعيد سعدي، فيها نوع من الخلط، فواقعة القذف قضية الساعة، سيصعب تصنيفها إمّا في إطار القذف المباشر الموجه للأشخاص، أو الوارد ضمن تقييم لوقائع تاريخية”.وفصّل غشير هذا التفسير القانوني كما يلي: “القذف المباشر تدين فيه العدالة بناء على كلمات قاذفة تصنف كجنحة، وعقوبتها بين السجن والغرامة المالية، أمّا ذكر الأشخاص أثناء تقييم الوقائع التاريخية فهي قضايا لا يحكم فيها وفقا لمبدأ أن التاريخ لا يخضع للمحاكمة، والأهل فيها هم المؤرخون”.وقال المتحدث إن “العدالة في مثل هذه المسائل ليست علما دقيقا، وتخضع إلى تأثيرات عديدة، أبرزها قناعة القاضي وكلام المتهمين، وتؤسس أحكام القاضي بناء على معطيات تؤدي إلى جدولة القضية على مستوى المحاكم، أما القول إن سعيد سعدي سيحاكم فذلك يعود إلى تقديرات القاضي”. وأوضح المحامي: “لأول مرة، النيابة العامة تتحرك من تلقاء نفسها لتحريك الدعوى العمومية تجاه قضية بهذا الشكل، وأنا في اعتقادي أن هذا التحرك يسيء إلى القضاء، لأنه يثبت أن العدالة في الجزائر تسير بسرعتين متفاوتتين، فلم تكن السرعة ذاتها التي سارت بها العدالة في قضيتي والي عنابة وتصريحات سعدي، رغم أن الأولى ليست أقل خطورة من الثانية”.بدوره، أبرز المحامي فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أن “تحريك وكيل الجمهورية الدعوى العمومية لفتح تحقيق بخصوص تصريحات سعيد سعدي عن تهمة القذف من الناحية القانونية، لكن الإشكال قائم في الموضوع، هل تصنف كجريمة قذف أو مجرد خطابات أو مقالات عن التاريخ ووقائعه؟ وهل من يبحث في التاريخ ويبرز أمورا عن وقائع وأشخاص يعتبر هذا السلوك قذفا؟”.وأشار قسنطيني: “أنا شخصيا سمعت أشخاصا يتحدثون عن الأمير عبد القادر بأنه خائن لصالح الاستعمار الفرنسي، لذلك ماذا يمكن أن ننتظر من القاضي في قضية تصريحات سعيد سعدي ضد مصالي الحاج وأحمد بن بلة وعلي كافي؟ وهذا هو السؤال الجوهري، لأن القضاء الجزائري يتعامل مع قضية نادرة، تدفع القاضي إلى استعمال سلطته التقديرية لتكييف جنحة القذف، لأن سعدي لم يتحدث عن الحياة الشخصية لهؤلاء وإنّما عن سيرهم السياسية والنضالية”.وقال رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان: “ما ذكره سعيد سعدي يخضع لنقاش قوي باعتبار القضية حسّاسة جدّا، ليس فقط في سياق التاريخ، وإنّما على القضاء بحكم أن تناولها سيكون من زاوية قانونية صعبة وتتطلب من القاضي تعميق البحث فيها لإصدار حكم يتماشى مع روح القانون”.من جانبه، أفاد المحامي أمين سيدهم، منسّق شبكة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، بأن “فتح تحقيق بشأن تصريحات سعيد سعدي من صلاحيات النيابة لتكييفها إما على أنها جنحة أو جريمة، وتكلف مصلحة المساس بالأشخاص لسماع أطراف القضية، وترفع بعدها الضبطية القضائية التقرير إلى قاضي التحقيق أو يصل مباشرة إلى المحاكمة، وذلك طبقا للسلطة التقديرية لوكيل الجمهورية”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات