عقوبة الإعدام.. الجزائر بين المطرقة والسندان

+ -

 يحيي العالم، غدا، العاشر من أكتوبر، اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، في وقت لم تفصل الجزائر، بعد، في قرارها، الإبقاء على العقوبة في التشريع أو إلغائها، بعد جدل كبير السنوات الماضية، شارف صداما بين المدافعين عن إلغائها وبين الملحين على بقائها، وبقي الجدال مفتوح ينتظر قرار “جريء ومسؤول”.في كل عاشر من شهر أكتوبر، يتجدد الجدل حول عقوبة الإعدام، بين حقوقيين وسياسيين، يطالبون الحكومة بإلغاء العقوبة من قانون العقوبات، وبين رجال دين وسياسيي تيار إسلامي، يؤكدون ضرورة الإبقاء عليها، مسقطين إياها على مبدأ “القصاص” أو “إقامة الحد”، في الشريعة الإسلامية، وبين الرأيين يقبع المئات من المحكوم عليهم بالإعدام بزنزانات مظلمة داخل السجون، في حيرة من أمرهم، وراح بعضهم يطالب بنفسه، تطبيق العقوبة عليه، كأفضل حل بالنسبة له على ما هو فيه.ورغم دعاوى بوقف النطق بأحكام الإعدام بالمحاكم، إلا أن الأخيرة مازالت تنطق بها، رغم أن العقوبة أوقف تنفيذها، وكان آخر تنفيذ للإعدام، في حق المتورطين في تفجير مطار الجزائر الدولي عام 1993، وأهم من دعا القضاة إلى الكف عن النطق بهذه الأحكام، مستشار الرئيس بوتفليقة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، رزاق بارة، الذي اقترح استبدال العقوبة بالسجن المؤبد أو السجن ثلاثين سنة فما فوق. وسجلت إحصائيات أن عام 2012 شهد عددا معتبرا، من أحكام الإعدام لدى المحاكم الجزائرية ومعظمها صدرت في حق إرهابيين، وأغلب هؤلاء صدرت الأحكام في حقهم غيابيا، على غرار عبد المالك دروكدال، “زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وأمراء التنظيم. ونطقت المحاكم من 23 جانفي 2012 إلى الخامس ماي 2013، بـ52 حكما بالإعدام، بينما سجلت سنة 2008، ما يفوق 200 حكم بالإعدام.ومازال الجدل بخصوص إلغاء العقوبة مشدودا إلى الخلفية الدينية، رغم محاولة البعض تجاهل ربط “الإلغاء” بالشريعة الإسلامية التي تقر “القصاص”. خلافا لما يراه رجال الدين، بينما دعاة الإلغاء وأولهم نشطاء حقوق الإنسان، يستبعدون مقاربة عقائدية أو دينية ويعتبرون أن “شروط القصاص غير متوفرة في عدالة البلدان الإسلامية، من حيث يمكن أن تفضي تحقيقات بخصوص جريمة معينة، إلى حقائق جديدة تبرئ من قد نفذ بحقه الإعدام، وحينها لا يمكن جبر الضرر، لأنه يستحيل أن نستعيد حياة إنسان ميت”.ويطرح الرهان لدى أصحاب هذا الموقف، بخصوص كيف يمكن جعل المجتمع لا يحتاج إلى عقوبة الإعدام؟ وقد بدأت الجزائر في طريق إلغاء للعقوبة، من خلال تقليص الجرائم المتبوعة بالإعدام من 30 جريمة إلى أقل من 10 جرائم، أغلبها يتعلق بالإخلال بالأمن العام والخيانة العظمى وما شابه، بالإضافة إلى مصادقتها على لائحتين أمميتين، سنة 2007، تلتزم فيهما بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام والتحضير لإلغائها. وينتظر أن تحيي الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام المصادف للعاشر من أكتوبر، وذلك يوم الجمعة في لقاء سيشارك فيه جمعيات وشخصيات ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وهو اللقاء الذي سوف يطفو فيه النقاش والجدل حول هذه العقوبة، التي صارت تؤرق الحكومة لارتباطها بالمرجعية الدينية للجزائريين. وكذلك مشاعر مجتمعية عبر عنها الجزائريون، في مرات عديدة، أهمها المرة التي اختطفت فيها شيماء بالعاصمة، وهارون وإبراهيم بقسنطينة، وحينها خرج الشارع مطالبا بتطبيق الإعدام في حق الجناة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات