ثلاث مواد دستورية شاهدة على عجز الرئيس

+ -

 لتكذيب الإشاعات والأخبار غير الصحيحة عنه، يلجأ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الخلط بين موقعه في الدولة وأغراضه الخاصة والشخصية. حدث ذلك الأسبوع الماضي مع الشخصية الدولية الأخضر ابراهيمي، وحدث مرارا في السابق وكان أبرزها تنظيم لقاء بين عائلة لاعب كرة القديم الشهير زين الدين زيدان، وأفراد من عائلة بوتفليقة.تقع على عاتق بوتفليقة الرئيس أعباء وتكاليف يفرضها عليه الدستور، لا يمكنه التهرّب منها إلا في حالة المرض الخطير والمزمن. تذكر المادة 70 من القانون الأعلى: “يجسد رئيس الجمهورية، رئيس الدولة، وحدة الأمة. ويجسّد الدولة داخل البلاد وخارجها وله أن يخاطب الأمة مباشرة”. وبموجب هذه المادة فالرئيس هو من يجسد الدولة، والدولة تتجسد فيه تماما مثلما يجسّد الملائكة الخير بينما يجسّد الشيطان الشرّ!وجاء في المادة 77 من الدستور، أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويتولى مسؤولية الدفاع ويقرر السياسة الخارجية للأمة ويوجهها، ويرأس مجلس الوزراء. وتقول المادة 78 أن الرئيس يتسلّم أوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب وأوراق إنهاء مهامهم.إذا تم وضع ما تنص عليه المواد الدستورية الثلاث موضع الممارسة، يلاحظ بأن المعني بها، وهو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، غير قادر على الوفاء بأعباء الوظيفة الرئاسية. فالصلاحيات والسلطات التي تتضمنها هذه المواد، ليست امتيازات وإنما واجبات أقسم الرئيس الحالي على تأديتها في أربع مناسبات. بعبارة أوضح، القيام بالأنشطة المنصوص عليها دستوريا من صميم عمل رئيس الجمهورية ويتقاضى على أساسها أجرا شهريا، فلا يجوز له قانونا ودستوريا التقاعس عنها.منذ 8 ماي 2012 لم يخاطب بوتفليقة الأمة بصفة مباشرة، واكتفى منذ عامين برسائل وبيانات تقرأ نيابة عنه. والسبب أنه فاقد القدرة على النطق نطقا سليما، وظهر ذلك جليا في المحادثة القصيرة التي جمعته بالأخضر ابراهيمي الأربعاء الماضي. منذ جويلية 2012 لم يتنقل بوتفليقة إلى وزارة الدفاع لآداء النشاط البروتوكولي السنوي المتعلق بترقية الضباط، والسبب أنه لا يقوى على الوقوف على رجليه ليضع الرتب على أكتاف العساكر.انقطع الرئيس بوتفليقة عن حضور المواعيد الهامة في الخارج منذ عامين على الأقل، وناب عنه في مهمة آداء السياسة الخارجية مسؤولون في البلاد. وما يلفت الانتباه أن بوتفليقة كان في بداية حكمه حريصا على الحضور في كل المحافل بالخارج، حتى التافهة منها، رغم كثرة المشاكل الداخلية ولم ينتدب أبدا شخصا آخر ليحل محله، لذلك فاختفاؤه اليوم (مضطرا) عن مؤتمرات واجتماعات دولية هامة دليل على عجزه عن الوفاء بتكاليف السياسة الخارجية.في العامين الأخيرين أضحى انعقاد مجلس الوزراء شبيها بترقّب هلال رمضان، وعندما يلتئم يصبح حدثا هاما يطغى على المواضيع المدرجة في جدول أعماله، بينما في فرنسا، التي استنسخ منها هذا النموذج في تسيير الدولة، يكاد لا يسترعي انعقاده أحدا لأنه عمل روتيني. أهمية مجلس الوزراء يستمدها من كونه القلب الذي ينبض في السلطة التنفيذية، فيه تناقش الملفات وتتخذ القرارات الكبرى ومجال تدخله واسع جدا، ولذلك عندما لا يجتمع بوتفليقة بحكومته إلا نادرا هو دليل على عدم قدرته على ذلك. وتوقف أول المؤسسات، وهي الرئاسة، عن سيرها العادي دليل آخر على عجزه وشاهد على إخلاله بالتزاماته تجاه المادة 76 التي يقول فيها “أقسم على أن أعمل على توفير الشروط اللازمة للسير العادي للمؤسسات”.أما عن اعتماد أوراق السفراء الجدد وتوديع المنتهية مهامهم، فمن الواضح أن الرئيس يجد حرجا كبيرا في استقبالهم وهو على كرسي متحرك. ولكن بما أنه التقى ابراهيمي وأدى اليمين الدستورية وهو مقعد، فما المانع من أن يفعل نفس الشيء مع الدبلوماسيين الأجانب؟ أليس أولى أن يؤدي مهامه الرسمية التي يتقاضى عنها مرتّبا، إن كان قادرا بدنيا كما يزعم الموالون له، بدل أن يهتم بتكذيب الإشاعات عن وفاته بترتيب لقاءات ذات شأن خاص؟ أليس تقديم التهاني له بمناسبة العيد، كما فعل ابراهيمي، قضية خاصة وبالتالي لا يجوز أخلاقيا ولا سياسيا تسويقها على أنها نشاط يقوم به الرئيس؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: