يقول العلاّمة راتب النابلسي: قال بعض العلماء: إنّ اللّه عزَّ وجلّ عتب للنّبيّ ولم يعتب عليه، وفرقٌ كبير بين أن تعتب له، وأن تعتب عليه، فلو دخلت الأم على غرفة ابنها، فرأته يدرس حتّى السّاعة الثانية فجرًا، قد تصيح به: إنّ لجِسمك عليك حقًا يا بني، قُم إلى الفراش واسترح قليلاً، إنّها الآن غاضبة، أفغاضبةٌ له أم عليه؟ له، فقال العلماء: إنّ اللّه عتب على النّبيّ لأنّه حمَّل نفسه فوق طاقته، لأنّه اختار الأصعب، اختار الإنسان الأصعب، والأقسى، والمُعاند، والكافر.اللّه عزَّ وجلّ وَصَفه فقال: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}، هذا وصف، وليس هذا تقييمًا، أنا أقول لكم: فلان خرج، أمّا إذا قلت: بئس ما فعل، فأنَا أُقَيِّم، فأنا عندئذٍ أقيِّم، لو أنّني قلتُ: خرج أو دخل، فهذا وصف، أمّا إن قلت: بئس ما فعل، نعم ما فعل، صار تقييمًا، فاللّه عزَّ وجلّ قال: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}.الّذي اجتهد فاختار المركب الصّعب، لكن الوحي لفت نظره إلى أنّ هذا الّذي تراه كبيرًا، هذا الّذي تراه قويًّا وتراه مَتْبوعًا، هذا الّذي تعلِّق آمالاً على هدايته، لعلمِ اللّه فيه لا تضيِّع وقتك معه. الإنسان قد يجتهد، وقد يكتشف خطأ اجتهاده، قد يجتهد وقد يعلم أنّ اجتهاده لم يكن في محلّه، فالنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام لأنّه ليس هناك تكليف، إذًا ليس هناك معصية، لا معصية مِن دون تكليف، ولأنّه اختار الأصعب فقد عَتِبَ اللّه له ولم يعتب عليه.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات