+ -

 ذهب السّادة المالكية على المشهور إلى استحباب القُنُوت في صلاة الصُّبح فقط، دون سائر الصّلوات قبل الرّكوع، وأن يكون سِرًّا، بحيث يقنت الإمام والمأموم والمنفرد سرًّا، ولا بأس برفع اليدين فيه، ويكون عقب القراءة بلا تكبير قبله، ويجوز بعد الركوع أيضًا، والأفضل كونه قبل الركوع عقب القراءة، ومَن ترك القنوت عمدًا أو سهوًا فلا شيء عليه، فإن سجد لتركه قبل السّلام بَطُلت صلاته. ولا يرتبط القنوت عندهم بالنّوازل، بل هو مستحب عندهم على الدّوام بالصّفة المذكورة؛ جاء في مختصر الإمام خليل المالكي رحمه اللّه: “ونُدِبَ َقُنُوتٌ سِرًّا بِصُبْحٍ فَقَطْ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ”.قال الإمام الخرشي المالكي رحمه اللّه في شرحه على المختصر: “وَنُدِبَ الْقُنُوتُ عَلَى الْمَشْهُورِ.. وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سِرًّا، وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الصُّبْحِ لَا فِي وِتْرٍ وَلَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ”. ونقل الإمام الحطاب المالكي رحمه اللّه في مواهب الجليل عن الْجَلَّابُ قوله: “لَا بَأْسَ بِرَفْعِ يَدَيْهِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ”. ويندب أيضًا عند المالكية أن يكون القنوت بهذا اللّفظ، وهو الدّعاء الّذي صحّت صيغته عند بعض الصّحابة رضي اللّه عنهم.وعن الصّحابي الجليل أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: “مازال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يَقنُت في الفجر حتّى فارق الدُّنيا” رواه الإمام أحمد. وكان سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه يقنُت في الصُّبح بمَحضر من الصّحابة وغيرهم رضي اللّه عنهم أجمعين.وعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنّه قَنَت في صلاة الصُّبح فقال: “بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، اللّهمّ إنّا نَستَعِينُك ونَستَهْدِيك ونَستَغْفِرُك ونُؤمِنُ بك ونتَوَكَّل عليك ونُثْنِي عليك الْخَيْرَ كُلّه نَشْكُرك ولا نَكْفُرك ونَخْلَعُ ونَتْرُكُ مَن يَفْجُرُك، اللّهمّ إيّاك نَعْبُد ولكَ نُصَلّي ونَسْجُد وإليْكَ نَسْعَى ونحفد، نرجُو رَحمَتك ونخْشَى عذابَك إنّ عذابَك الجِدّ بالكافرين مُلحَق، اللّهمّ عذِّب الكفّار أهل الكتاب الّذين يصدّون عن سبيلك” رواه عبد الرزاق في مصنّفه والبيهقي في شعب الإيمان. وليس في رواية الإمام رضي اللّه تعالى عنه “وَنُثْنَي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك”.وقد ورد هذا الدُّعاء عن غير واحد من الصّحابة رضي اللّه عنهم، منهم: عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب وعبد اللّه بن مسعود وأبي بن كعب رضي اللّه عنهم، وكذا عن الحسن البصري وخالد بن أبي عمران وغيرهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات