يقول الأستاذ راتب النابلسي: إنّ اللّه جلّ جلاله في عليائه أنزل هذا القرآن ليُعرّفَك مَن أنتَ، ثمّ يعرّفك بمهمّتك الخطيرة الّتي أنيطت بك، ويعرّفك أنّ كلَّ سعادتك وسلامتك في طاعته، وكلَّ شقائك وعطبك في معصيته، ويعرّفك أنّك زمن، فما أنت إلّا بضعة أيّام، وإنّ كلّ واحد منّا له عمر عند اللّه عزّ وجلّ، فالواحد منّا مثلاً قد يبلغ من العمر ثلاثًا وستين سنة وخمسة أشهر وثلاثة أسابيع وخمسة أيّام وسبع ساعات وثماني دقائق وأربع ثوان، وهذا هو الإنسان، كلّما انقضى يومٌ انقضى بضعٌ منه، فهو أيّامٌ معدودة، ومضي الزّمن يستهلكه ويقضي عليه، وهذا معنى قول اللّه عزّ وجلّ: {وَالْعَصْرِ إِنّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} العصر:1-2.ماذا تعمل؟ كيف تمضي وقتك؟ ماذا أعددتَ ليوم اللّقاء مع اللّه عزّ وجلّ؟ وماذا أعددت لهذه الحياة الأبدية الّتي لا تنقضي، فإمّا أن تكون فيها في جنّةٍ يدوم نعيمها، أو في نارٍ لا ينفد عذابها، ماذا تقول إذا وقفت بين يدي اللّه عزّ وجلّ الّذي يقول لك: “عبدي خلقتُ لك السّماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهنّ، أفيعيني رغيفٌ أسوقه لك كلّ حين”؟ أي: أتعصيني من أجل الرّغيف، فتغتصب ما ليس لك، وتغُشّ وتكذب وتحتال على النّاس من أجل أن تربح؟ “لي عليك فريضة ولك عليّ رزق فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزّتي وجلالي إن لم ترض بما قسمتُه لك فلأسلطنّ عليك الدّنيا تركض فيها ركض الوحش في البرية ثمّ لا يَنالك منها إلّا ما قسمتُه لك ولا أبالي وكنتَ عندي مذمومًا”.أيّها الإخوة.. أريد منكم بعض التّأمّل وبعض التريّث: {وَعِبَادُ الرّحْمَنِ الّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} الفرقان:63.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات