السلطـــــــــــــــــــــــــــــــات تتخلّــــــــــــــــــــــــــــــى عــــــــــــــــــــــــــــــن روراوة

38serv

+ -

فقد رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم هيبته وهو يسير يوما بعد يوم إلى الخروج من جديد ليغادر الكرة الجزائرية ومن الباب الضيق، التي سبق له وأن غادرها بعد عهدته الأولى مرغما في عهد الوزير الأسبق للشباب والرياضة الدكتور يحيى ڤيدوم بعد تطبيق قانون “عهدة واحدة لكل رئيس اتحادية”.تتجه السلطات إلى التخلي عن روراوة بعد توالي الضربات على رأس الرّجل الذي نجح، رغم كل عيوب طريقة تسيير كرة القدم الجزائرية وسياسته المنتهجة، في تمديد مفعول “عفيون الشعوب” لعدة سنوات بفضل المنتخب الوطني ونتائجه التي فاقت كل التوقعات منذ سنة 2009، وهو المنتخب الذي صنعه تقريبا من العدم وعلى أنقاض انهيار تام للمنتخب ذاته بعد “كان 2004” في تونس، وعلى أنقاض أيضا سياسة كروية عرجاء لم تخلّف سوى أعمال عنف وفوضى وتخريب في الممتلكات وفضائح تعاطي الحكّام والمسيرين لرشاوى، إلى جانب مهازل الملاعب الجزائرية التي زادت في رسم صورة تعيسة للجزائر كرويا، رغم جهود الوزارة والسلطات في مداراة عورات التسيير أيضا.رئيس “الفاف” فقد هيبته ونفوذهلم يشفع لرئيس “الفاف” ما قدّمه للسلطات في ظل توالي الأزمات الاجتماعية، حين جعل الجماهير تنسى أو تتناسى همومها وتتنفس كرة القدم ولو إلى حين، ولم يكن للمفعول السحري لرئيس الاتحادية على الجماهير الغاضبة دوما على السلطة، وللنجاحات التي حققها المنتخب بفضل سياسة الاستثمار في المدارس الأوروبية بجلب اللاّعبين المغتربين إلى المغترب وتلميع صورة الجزائر دوليا، أن يضمن لروراوة رضا السلطات أو يدعّم مكانته ويزيد من نفوذه، كون كل المؤشرات والدلالات تصبّ في خانة التخلّي المعلن للسلطات عن الرجل الذي كسر أسوار المكاتب التنفيذية لكل الهيئات القارية والإقليمية والدولية، وأصبح مع مرور الوقت استثمارا جزائريا وجب الاحتفاظ به وتدعيمه رغم كل عيوبه، طالما أن كرة القدم، بنجاح المنتخب، هي الوسيلة الوحيدة القادرة على تأخير “انفجار” الجماهير الساخطة على ظروفها المعيشية المتدهورة، وتبوّؤ روراوة لمكانة مرموقة في “الكاف” و«الفيفا” والاتحاد العربي واتحاد شمال إفريقيا، يضمن للجزائر عدم الخسارة في الكواليس ويجعل منها قادرة على حماية حقوقها الرياضية التي تنعكس بالإيجاب على المنتخب والأندية الجزائرية، ما يجعل بمقدور الدولة الاستثمار دوما في نجاحات منتخباتها وأنديتها على الدوام.الجلوس على “الكارتون” يعكس صورة رجل وَهَن وانتهى..عودة المنتخب من البرازيل وهو يحمل إنجازا تاريخيا، لم يكن له أي أثر إيجابي على رئيس الاتحادية من حيث تدعيم موقعه كرجل قوي، على خلاف ما حدث قبل أربع سنوات، فقضية نقل المنتخب إلى قطر من أجل التكريم ثم وفاة اللاّعب الكامروني إيبوسي، وفشل الجزائر في احتضان إحدى الدورتين القاريتين في 2019 و2021، أضعف مكانة رئيس الاتحادية الذي بقي خيطا رفيعا يربطه بتسيير شؤون الكرة في الجزائر، ونعني بذلك تنظيم “كان 2017” خلفا لليبيا، وهو خيط مهدّد بأن ينقطع في هبّة أي نسيم، كون الرجل خسر حليفا قويا وهو رئيس “الكاف” عيسى حياتو، وكل ذلك مؤشرات جعلت روراوة، على خلاف كل السنوات السابقة، يظهر وهو جالس على “الكارتون” في مدرّجات ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة مع الأنصار، في صورة الرجل الذي وَهَن وانتهى فعلا وانتهت قصة تسيّده على كل ما له علاقة بكرة القدم، بمعنى بداية نهاية رئيس اتحادية ترك بصماته حين أمسك بدواليب التسيير بيد من حديد، وروّض كل من وقف أو حاول الوقوف في وجهه.تعنّت الوالي دلالة على تلقيه ضماناتولا يمكن أن نقرأ اليوم في تجدّد خلاف روراوة مع والي البليدة، سوى أن السلطات لم تعد تحتاج لرئيس الاتحادية ولم تعد ترى فيه رجلا مهما يمكن الاستعانة بخدماته لإنقاذ النظام في مراحل معينة من مخاطر “الانفجار الاجتماعي”، لأن تعنّت الوالي و«سطوه” للمرة الثانية على حق “الفاف” في تنظيم مباريات المنتخب الوطني في الملاعب الجزائرية، لا يمكن أن تكون له سوى قراءة واحدة، وهي أن الوالي يملك الضمانات التي تجعله في منأى عن أي عقوبة محتملة جرّاء وقوفه في وجه رئيس “الفاف”، وهي الضمانات التي لا يمكن أن تأتي سوى من أطراف قوية تمسك بخيوط اللّعبة وتعرف ما يريده النظام حاليا ومستقبلا.روراوة يفتعل فوضى التنظيم للفت الانتباهقرار روراوة بنقل مباريات “الخضر” المقبلة إلى قسنطينة بسبب ما حدث له بملعب البليدة، وتعمّده جعل الإعلام الجزائري يقف على “فوضى التنظيم” حين يتم سرقة هذا الحق منه، أصبحت تبدو محاولة يائسة من رئيس “الفاف” لإيصال الرسالة للمسؤولين على أنه لا يزال طرفا مهمّا في اللّعبة، وهي محاولة أيضا تهدف إلى جس نبض المسؤولين والبحث عن السند واستعادة النفوذ، حيث يدرك روراوة جيدا بأن ترسيم نقل المنتخب من البليدة إلى قسنطينة، دون أن يكون لصرخته الجديدة تداعيات، هو إعلان صريح من السلطات بأنها تخلّت عنه رسميا.     

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات