قصّة يحي عليه السّلام على صلة وثيقة بقصة زكريا عليه السّلام؛ إذ ذاك الشِّبل من هذا الأسد، وقد ذكر القرآن الحديث عن يحي في تضاعيف الحديث عن أبيه زكريا عليهما السّلام.كان سيّدنا يحي عليه السّلام غلامًا ذكيًا، أحكم اللّه عقله، وآتاه الحكم صبيًا، عاشقًا للعبادة، عاكفًا في محراب العلم، محصيًا لمسائل التوراة، مستجليًا لغوامضها، محيطًا بأصولها وفروعها، فيصلاً في أحكامها، قاضيًا في معقولها، قوَّالاً في الحقّ، لا يخشى في اللّه لومة لائم، ولا يهاب صولة عاتٍ ظالم.وقد جاء في الحديث قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: “لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يحي بن زكريا، قلنا: يا رسول اللّه! ومن أين ذاك؟ قال: أما سمعتُم اللّه كيف وصفه في القرآن، فقال: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} مريم:12، فقرأ حتّى بلغ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} آل عمران:39، لم يعمَل سيّئة قطّ، ولم يهمّ بها” رواه الطبراني في الكبير والبزّار.ورد اسم النّبيّ يحي عليه السّلام في القرآن الكريم ستَّ مرّات، وجاء ذكره في أربع سور قرآنية: آل عمران، الأنعام، مريم، والأنبياء. وجاء الحديث الرّئيسي عنه في سورة مريم عليها السّلام. وها نحن نتتبّع ما حدّثنا القرآن عنه من صفات وأخبار:البداية في بشارة زكريا بولادة يحي عليهما السّلام، بعد أن بلغ من الكبر عتيًا، ويأس من نعمة الولد، يقول تعالى: {يَا زَكَرِيَا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} مريم:3، ففضلاً عن هذه البشارة الخارقة للعادة، وما تحمله من سرور وغبطة فقد دلّت الآية الكريمة على أنّ هذه التّسمية إنّما هي من اللّه تعالى، ولم تكن من زكريا ولا من غيره، وفي هذا تشريف له وتكريم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات