ما هي قراءتك لزيارة الرئيس السوداني للقاهرة؟هذه الزيارة تأتي عقب مرحلة فتور وتور في العلاقات بين القاهرة والخرطوم، بعد سقوط نظام جماعة الإخوان المدوي في ثورة الـ30 يونيو، لأن النظام الحاكم هناك ذو مرجعبة إخوانية، والآن القيادة السياسية في مصر والسودان تسعيان لغلق الصفحة، وبناء تفاهم جديد، وهناك قضايا ملحة تواجه البلدين، فيما يتعلق بمياه النيل وأزمة سد النهضة وتأمين الحدود.تتزامن زيارة البشير واجتماع اللجنة الوطنية لسد النهضة، ما إمكانية الوصول لحلحلة هذه الأزمة في ظل اتهام السودان بمحاولة شراء الكهرباء الإثيوبية؟السودان تتحالف مع إثيوبيا في الأزمة، ويدعي النظام القائم بأن هذا التحالف يقوم على أساس المصلحة الوطنية السودانية، ويضمن استقرار وأمن البلاد، لكنه في الحقيقة لا يضمن سوى أمن وبقاء نظام البشير، وقد أصبحت إثيوبيا طرفا فاعلا في شمال وجنوب السودان، وتقود مفاوضات الجبهة الثورية في جبهات منطقة أبيي، المتنازع عليها، وعندما وجد نظام البشير نفسه بأنه محاصر دوليا وإقليميا، وأنه أصبح غير قادر على إغضاب الطرف الإثيوبي، لجأ إلى هذه الأكذوبة والترويج بأن سد النهضة يحقق مصالح لأثيوبيا، في نفس الوقت يؤكد المختصون السودانيون بأن سد إثيوبيا لن يحقق أي مصلحة للسودان، وأن هناك تداعيات خطيرة في المدى المتوسط والبعيد، وأنه سيحمل للسودان أضرارا كبيرة، وسيضطر لاستخدام الأسمدة الصناعية، وتتقلص مساحة الأراضي الزراعية، وتتحكم إثيوبيا في المياه.أفهم من كلامك أن القمة الثنائية التي انعقدت بين السيسي والبشير لن تغير من موقف السودان حيال سد النهضة؟أتوقع ذلك فعلا، لأن المسار الحالي عقيم ولا يبدو أن هناك حلا في الأفق، كما أن إدعاء مصر بأنها في طريق حلحلة الأزمة لن يصل بها إلى أي مكان، وتصريحات وزير الري مبالغ فيها، وتنم عن حرصه على البقاء في موقعه، أو أن يظهر نجاحات غير حقيقية.وماذا عن الجدل المثار حول مثلث حلايب وشلاتين؟الموقف المصري واضح.. حلايب وشلاتين جزء من الأراضي المصرية، ولا يمكن التفريط فيها، وتنص المادة الأولى من معاهدة 1899 على أن الخط الفاصل بين مصر والسودان هو خط عرض 22 درجة شمالا، ويقع هذا المثلث خلف الخط، وبالتالي فإن حلايب وشلاتين تقعان في الأراضي المصرية لا يمكن التفريط فيهما، وتجديد نظام البشير الحديث في هذه النقطة، ما هو سوى استهلاك داخلي لنظام إخواني لا يأبه بفكرة الوطن والحدود، وقد باع وفرط في ثلث السودان حينما سمح بانفصال الجنوب عن الشمال، وأقحم الشعب في حرب أهلية، وهناك أيضا أراض سودانية محتلة من إثيوبيا في منطقة “الفشقة”، ولا يثيرها نظام البشير بأي شكل من الأشكال، وبالتالي أرى أن إثارة الجدل حول منطقتي حلايب وشلاتين، ما هي إلا قضية للتوريط السياسي فقط.وكيف ترون التباين في الموقف في الملف الليبي بين البلدين؟السودان يتم استخدامه من طرف قطر كأداة لتمويل ودعم التنظيمات المتطرفة بالأسلحة والذخائر، وأن تأخذ بالبلاد لحرب أهلية، وهذا الأمر مزعج لمصر، وهناك اتهامات رسمية ليبية للسودان، تتهمها بتوريد أسلحة وذخائر للجماعات الإرهابية المتطرفة.في خضم هذه المعطيات، ما تفسيرك لدعوة البشير الثني لزيارة الخرطوم؟ من الواضح أن السودان لا يريد أن يورط نفسه كقوة داعمة ومساندة للإرهاب، بسبب الحصار الدولي والإقليمي الذي يوجد عليه البلد، وكذا حصار المحكمة الجنائية الدولية له، واتهامه بالإبادة لشعبه، وأعتقد أن دعوة رئيس الحكومة الليبي لا تعدو عن كونها جهود دبلوماسية لتخطي الأزمة الحالية.ما تقييمك إذن لنتائج زيارة الرئيس السوداني للقاهرة؟هذه حقيقية لا يجب إخفاؤها، وليس من الضروري الوصول إلى اتفاقات كبيرة بعد فترة من الفتور والجفاء، المهم مبدئيا التواصل والحوار.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات