يقول العلاّمة راتب النابلسي: يقوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}. هذه “الواو” أعربها بعضُهم واو القَسَم، وإذا جاء القسم في القرآن الكريم؛ فبالنسبة إلينا فشيءٌ عظيم، أمّا بالنسبة إلى اللّه جلّ جلاله فشيءٌ قليل، فإذا أردت أن تَنْسِب هذه الآية إلى اللّه فالواو تلفت نظرنا إلى هذه الآية، وإن أردت أن تنسب هذه الآية إلى قدرات الإنسان الضعيفة، فالواو واو القسم.وقوله تعالى {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} أي أنّ اللّه عزّ وجلّ حينما يأتي اليوم الآخر، حينما تنتهي الحياة من على سطح الأرض، الشّمس كوّرت، والنّجوم انكدرت، والنّجوم كيف تنكدر؟ تُنْزَع من مسارها حول بعضها بعضًا، اختلّ نظام الكون، أو أنّ اللّه سبحانه وتعالى أنهى نظام الكون، فحينما تُنْزَع الكواكب من مساراتها حول بعضها بعضًا، تنتهي هذه الكواكب وتتناثر وتتفَجَّر، وينتهي نظام الكون الرّائع.وقوله تعالى {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} أي أنّ هذه السُرعات الهائلة للنّجوم هل فكّرنا فيها؟ أكثر المجرَّات البعيدة سرعتها تزيد عن مئتين وأربعين ألف كيلومتر في الثانية، بل إنّ سرعتها تقترب من سرعة الضّوء وبنشاط دقيق بالغ، أي أنّ أدق ساعة في العالم تضبط كلّ عامٍ على مسير نجمٍ، على زاوية رصد نجم، فقد تقصِّر هذه السّاعة بضع ثوانٍ، وقد تقدِّم بضع ثوانٍ، والنّجم لا يقدِّم ولا يؤخِّر، إذاً هي سرعةٌ عالية مع دقةٍ بالغة.وقوله {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} أيْ أنّك لا تستطيع أن تجعل بعض الأحجار تتحرَّك في الهواء، فهذا فوق طاقة البشر.وقوله {فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} تدبّر أمر الخلائق بما تتلقّى من أوامر من اللّه عزّ وجلّ، القرآن حمَّال أوجه، أنا وجدت أن أول تفسير هو أقرب إلى الانسجام مِن بين التفاسير، هذه النجوم الّتي في السّماء، لو أنّها نزعت من مسارها لانتهت، من أجل أن تعرف ماذا يعني أن يبقى النّجم في مساره؟ إنّ اللّه يمسك، إنّه إلهٌ عظيم.. {إِنَّ اللّه يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} فاطر:41، انتهت الحياة من على سطح الأرض، فلو أنّ الأرض خرجت عن مسارها، كما لو أنّ القطار خرج عن سكّته لهوى في الوادي. وصف دقيق ليوم الدِّين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات