+ -

تقول سفيتلانا (53 عاما) التي تعيش في أحد أحياء دونيتسك، شرق أوكرانيا، حيث تدور معارك يومية بالمدفعية بين المتمردين الموالين لروسيا والقوات الأوكرانية، "أقيم منذ أربعة أشهر في هذا الملجأ. وإذا ما خرجت، فإني أخشى من سقوط قذيفة تقتلني". ومدخل الملجأ هو كوخ صغير مصنوع من الخشب، قبالة منجم فحم، أُلصقت عليه لافتة كُتب عليها "ملجأ للدفاع المدني". وعلى بعد أمتار، خلف أبواب سميكة مدرعة، يعيش مائة شخص تقريباً، تشكل النساء غالبيتهم منذ حوالي أربعة اشهر. وتحوّلت المقاعد إلى أسرّة موقتة مدّت عليها الأغطية، وعُلقت ثياب على الجدار، فيما يؤمن بعض الألعاب ودمية وطابة لكرة القدم، التسلية لخمسة عشر طفلاً يعيشون في هذا الملجأ الذي شُيّد في الحقبة الستالينية في العام 1937 والمؤلف من غرفتين كبيرتين. وقالت سفيتلانا التي يرافقها حفيدها آلكسندر (سنة وسبعة أشهر) ذو الشعر الأشقر والابتسامة الدائمة، "نحن هنا كما لو أننا نعيش في سجن. ويفقد البعض أعصابهم". وذكرت ايرينا (49 عاما) التي احترق متجرها نتيجة القصف "يعيش الآن 96 شخصاً في هذا الملجأ. كنا 250 في البداية، والذين توافر لديهم المال، غادروا دونيتسك"، مضيفةً "خسرت كلّ شيء. زوجي يعمل في ملجأ لكنه مقفل الآن. ونعيش على المساعدة الإنسانية".  وقالت ايرينا التي تعيش في الملجأ منذ أربعة أشهر مع زوجها وابنتها وحفيدها الذي يبلغ السابعة من عمره، "أردنا العودة الى بيتنا مرّتين لأخذ أغراضنا. وفي المرتين، فاجأتنا عمليات القصف وعلقنا. وقُتلت امرأتان لم تتمكنا من الوصول الى الملجأ على مرأى من حفيدي". وأضافت "لا نستطيع العودة الى بيتنا. فالقبو لا يتصف بالمتانة الكافية. هنا، يقصفون يوميا، لكننا في الملجأ. جئنا الى هنا لننجو من الموت". وفيما يعيش الجميع سوية، يواجه البعض صعوبة في السيطرة على أنفسهم، فيفقدون أعصابهم أحيانا. وشرحت سفيتلانا "الأمر صعب على الجميع. تعيش معنا جدة في السابعة والثمانين من عمرها وأطفال رضع. ولا يعرف أحد منّا عندما يستيقظ، هل سيبقى على قيد الحياة حتى المساء أم لا". وهي حاولت تهدئة جارتها التي كانت تتذمر من "الانغلاق في قفص ولا تعرف كم ستبقى فيه بعد". وخلف الملجأ، تنصرف نساء يرتدين معاطف إلى الطبخ على موقد، استفدن من هدنة قصيرة، غير مباليات بالقصف المدفعي البعيد. وإلى جانبهن، عُلّقت ثياب جافة على حبال مربوطة بين الأشجار. وتذكر سفيتلانا التي يقلقها اقتراب الشتاء كالأخريات، "الماء الذي نستخدمه بارد، نعمل على تسخينه عندما يتوفّر التيار الكهربائي". وفيما تتدنى درجات الحرارة في الوقت الراهن إلى ما دون الصفر ولا تتجاوز الثماني درجات خلال النهار، ليس في الملجأ وسائل تدفئة. الطريقة الوحيدة هي المدفأة الكهربائية. وتقول سفيتلانا إن "عمليات القصف غالباً ما تلحق أضراراً بخطوط الكهرباء. وهكذا أمضينا أكثر من شهر محرومين من الكهرباء. وكنا نؤمن النور مستخدمين القناديل أو الشموع". وحول الملجأ، يتولى عشرة من الجنود المتمردين الحراسة في هذا القطاع الذي هجره سكانه ودُمّرت فيه أعداد كبيرة من المنازل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات