38serv
يقدم المخرج الجزائري نزيم السويسي، مساء غد، العرض الأول لفيلمه الوثائقي “شكرا على الحضارة” بقاعة محمد زينات في رياض الفتح، ينفض من خلاله الغبار عن السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي للجزائر والعمليات الممنهجة لمحو كل مظاهر الحضارة فيها. ينقلنا المخرج نزيم السويسي من خلال فيلم “شكرا على الحضارة”، رفقة زينب مرزوق التي شاركته كتابة النص، عبر تجربة وثائقية جديدة لمدة 73 دقيقة، في جولة سينمائية تدين الاستعمار الفرنسي للجزائر، وتفضح أبشع جرائمه ليس فقط ضد الإنسانية وإنما أيضا ضد التاريخ والحضارة.يستعرض فيلم “شكرا على الحضارة” فصول الاستعمار الفرنسي التي بدأت عبر ارتكاب أبشع الجرائم لمحو تاريخ الجزائر، ويعكس ما يحمله العنوان من استفزاز، خاصة لمن قادوا مخطط غزو الجزائر بشعار “نريد الحضارة للشعب الجزائري”، ويسعى إلى فضح تلك المزاعم عبر تسليط الضوء على السنوات الأولى للوجود الفرنسي في الجزائر بين 1830 و1834، وهي فترة غير معروفة من تاريخ الجزائر، رغم أهميتها في كشف ملامح الحضارة بالجزائر التي سعى الاستعمار إلى تدميرها لمدة قرن ونصف من الزمن.يبدأ الفيلم من اقتحام سواحل سيدي فرج وما تبعها، حتى استسلام الداي وسقوط الجزائر يوم 5 جويلية. هذا الاستسلام الذي وضع مصير أجيال كاملة من الجزائريين تحت الحكم الاستعماري، ما يفسر، حسب الفيلم، أهمية مقاومة الشعب لمخطط الاستعمار الذي استهدف تدمير التاريخ، الهوية والحضارة.ينقسم الفيلم إلى محورين أساسيين، يبدأ الأول عبر تفنيد مقولات الاستعمار الفرنسي تجاه الجزائر قبل سنة 1830، حيث كانت فرنسا تدّعي أن الجزائر بلد غير متمدن يسكنه “بربر”. فمن خلال ما يقدمه الفيلم من شهادات المستكشفين الفرنسيين وحتى الأوروبيين مثل جان ميشال فينشر دي باراديس، وصفوا الجزائر في كتابتهم سنة 1790 بالدولة الغنية بالحضارة. ويستعرض الفيلم ما كتبه فرحات عباس عن الجزائر قبل 1830، عندما أوضح بأن الجزائر كانت دولة معترفا بها في أوروبا وفي العالم، كدولة كبيرة لديها جيش قوي وتنظيم وتقسيم إداري جد متطور في ذلك الزمان، كما كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجزائر، قبل دخول الاستعمار سنة 1830، فقد تمتعت الجزائر بمؤسسات تعليمية متطورة، ما يدحض مزاعم فرنسا الاستعمارية التي حاولت تشويه هذه الحقائق التاريخية تاريخ.نلمس من خلال الفيلم عمق التنوع الثقافي الذي ميّز الجزائر في تلك الحقبة، وحاربه المستعمر لتحقيق أهدافه التوسعية. وكشف المحور الثاني من الفيلم حقيقة الاستعمار الذي جاء بغاية النهب و التخريب والتدمير المباشر للجزائر، عن طريق ارتكاب كل أنواع المجازر واستعمال الترهيب. ويقول الفيلم إن هذه السياسة ركزت عليها فرنسا بشكل كبير في الخمس سنوات الأولى من دخولها إلى الجزائر .وقد استعان المخرج وكاتبة النص بشهادات خبراء التاريخ ليختزل المسافة بين الصور الأرشيفية والتحليل المعرفي، حيث شارك في الفيلم الذي أنتج بإمكانات ذاتية سنة 2013، كل من الأكاديميين فؤاد دحو جربال، الكاتب غانم لعربي، كمال بوشامة، وغيرهم من الذين قاموا بإعادة وتحليل وتصنيف المعلومات التاريخية المتاحة التي تضمنتها كتابات الضباط الفرنسيين والوثائق الخاصة بحقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر. للتذكير، سبق للمخرج أن أنجز سنة 2009 فيلما وثائقيا مع جيلالي خلاص “الوطن في القلب”، عن مسرح كاتب ياسين.للإشارة، يعرض الفيلم، غدا الخميس، في السادسة مساء، بقاعة محمد زينات في رياض الفتح.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات