قيام اللّيل سُنّة عظيمة أضعناها، ولذّة عجيبة لكنّنا ما تذوقناها، وجنّة للمؤمنين في هذه الحياة لكنّنا ما دخلناها ولا رأيناها، وهي مدرسة تتربّى فيها النّفوس، وتهذّب فيها الأخلاق، وتزكّى فيها القلوب.وقيام اللّيل عمل شاق وجهاد عظيم لا يستطيعه من الرّجال إلّا الأبطال الأطهار، ولا من النّساء إلّا القانتات الأبرار، قال اللّه سبحانه وتعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} آل عمران:17. والقيام دأبُ الصّالحين قبلنا، ومكفّرة لسيّئاتنا، وقُربَة لنا إلى ربِّنا، ومطردة للدّاء عن أجسادنا..لقد هجر أغلبية المسلمين هذه الصّلاة بمحض إرادتهم وطاعة لنفوسهم وأهوائهم. وبرغم ذلك، تمعّن في هذا الحديث الشّريف لعلّك تستفيق، فقد روي عن سيّدنا عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ” أخرجه أبو داود وبن خزيمة والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم. والمقصود في هذا الحديث يحصل بقراءة الآيات في الصّلاة، سواء قرأها في ركعة واحدة أو أكثر، ويحتمل حصوله بمجرّد التّلاوة- ولو لم يكن في صلاة- ولكن الأولى أن يكون ذلك في الصّلاة.وفسّر بعض أهل العلم القيام بها: بالعمل بها وحفظها والتدبّر لمعناها، قال المباركفوري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: [“مَن قام بعشر آيات” قام به: أي أتى به، يعني: مَن قرأ عشر آيات في صلاته على التدبّر والتأنّي كذا قيل. وقال الطيبي: أي أخذها بقوّة عزم. وقال ابن حجر: أي يقرؤها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق أنّ المراد غير الفاتحة]. والأظهر أنّ المُراد به أقَلّ مراتب الصّلاة وهي تحصل بقراءة الفاتحة وهي سبع آيات وثلاثة آيات بعدها فتلك عشرة كاملة.وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في “الفتح”: [أي يقرأها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق أنّ المراد غير الفاتحة].
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات