38serv
منتصف ليلة نوفمبر “الله أكبر.. وفاق نوفمبر”استغل أنصار الوفاق السطايفي الاحتفالات الرسمية بعيد الثورة، وتجمع مئات الأنصار على طول شارع أول نوفمبر، مشكلين طابورا طويلا من السيارات التي تزينت بالأسود والأبيض، وانتظر الجميع حتى منتصف الليل وإطلاق بعض الرصاصات من طرف السلطات العسكرية كرمز لاندلاع الثورة، وراح الجميع يردد بأعلى صوته “الله أكبر.. وفاق نوفمبر”، وتزامنت هذه الأهازيج مع عودة المناصرين القادمين من مدينة الورود.سطيف تتحول إلى مدينة أشباح قبل المباراةقبل المقابلة.. محلات مغلقة وشوارع فارغة، مشاهد قلما رأيناها في سطيف، الكل يترقب ويسأل عن أحوال ملعب تشاكر، الكل يكلم أخاه أو قريبه أو صديقه في ملعب البليدة “واش لومبيونس”، فيما فضل الكثير من الشباب رؤية المقابلة مباشرة عبر الشاشات العملاقة التي تم نصبها خصيصا بوسط المدينة وفي ساحة هواري بومدين وأمام البريد المركزي، حيث حجز هؤلاء مقاعد لهم منذ الساعة الثالثة زوالا وكأنهم في ملعب البليدة.. وكان الجميع يحمل أكياسا بها سندويشات وقارورة ماء تحسبا لطول مدة الانتظار، بل ومنهم من توقع أن يذهب اللقاء إلى التعادل وضربات الترجيح، ما قد يعطل نهاية المباراة إلى الحادية عشرة ليلا، فيما أطلقت مختلف الإذاعات المحلية نصائح لمرضى الضغط الدموي والسكري والقلب بتجنب مشاهدة المباراة، أما من فضل مشاهدة المباراة في المنزل، فلم يخرج عن الاستثناء، بل قام هؤلاء بدعوة مجموعة من الأصدقاء من أجل تفادي ضغط المباراة وصنع جو من المتعة.وفضلت مصالح الأمن نشر المزيد من عناصرها في المدينة خوفا من حدوث عمليات سرقة للسيارات أثناء المباراة، زيادة على فرض الانضباط في احترام إشارات المرور، خاصة أن أصحاب الدراجات النارية فضلوا القيام بألعاب السرعة بعد أن خلت الشوارع من المارة والسيارات أثناء المباراة.عين الفوارة تفي بوعدها “الكأس التي تشرب من ماء الفوارة سوف تعود إليها”وأخيرا رصع الوفاق قميصه بنجمة ثانية تجعله في قلب الكرة العالمية.. فمباشرة بعد إعلان الحكم لصفارة النهاية وتتويج الوفاق، لم ينتظر الأنصار رؤيتهم للاعبي الوفاق وهم يحملون الكأس الغالية، حيث خرجوا عن بكرة أبيهم إلى شوارع المدينة، مشكلين طوفانا بشريا غير مسبوق، أصحاب حافلات النقل سخروا أنفسهم لحمل المناصرين من مختلف الأحياء إلى وسط المدينة أمام تمثال المرأة العارية، وكأنها تقول للجميع “لقد شربت كأس إفريقيا من مياه الفوارة، ووعدتكم قبل عشرين سنة أن الكأس ستعود إلى مدينة سطيف”.طوفان بشري من الأنصار يكتسح شوارع المدينةنحن لا نتحدث عن أفراح اعتيادية كان ينظمها الوفاق بعد كل تتويج في السنوات الأخيرة، فهذه الفرحة تختلف عن فرحة كأس الجمهورية ودرع البطولة وحتى الكأس العربية، إنها تأشيرة العبور إلى المونديال، حيث صار من الصعب علينا إن لم نقل من المستحيل أن نقترب حتى من وسط المدينة، بسبب الأعداد الهائلة من الأنصار التي احتلت الساحات العمومية مثل ساحة عين الفوارة وساحة البريد المركزي وساحة دار الثقافة، فيما خرج الآلاف في مختلف الدوائر الكبرى على غرار عين ولمان وعين آزال والعلمة وبوقاعة وبوعنداس، الكل يهتف بحياة فريق الأحلام، نسي كل من كان في القرى والمداشر هموم التنمية ومشاكل البطالة والسكن والطرقات، الكل يهتف “فوارة شومبيوني”، حيث كسر الآلاف من الجماهير صمت الجبال والقرى، وأضاءت الفيميجان كل طريق وكل بيت، رايات الوفاق فوق كل الشرفات، وسيارات المناصرين تزينها صور اللاعبين والمدرب خير الدين ماضوي.العائلات السطايفية توزع الحلوى التقليدية والقهوة والشايوكتقليد لم نره منذ سنوات، قامت العديد من العائلات بتحضير الحلويات التقليدية مثل المقروط والقراوش والكروكي، ثم قاموا بتوزيعها على كل المناصرين في شوارع المدينة، فيما فضل بعض أصحاب المحلات تقديم الحلوى مجانا، حيث قاموا برمي كميات كبيرة من الحلوى فوق مواكب السيارات، زيادة على إلقاء كميات هائلة من القصاصات الملونة على طول الشرفات، وكأنه يوم من أيام الاستقلال، حيث أكد بعض الشيوخ أن هذه الفرحة لم يروا مثيلا لها منذ الاستقلال، فيما أكد بعض الأنصار في حديثهم لـ “الخبر” أن هذه الاحتفالات تعتبر لا شيء مقارنة بما سينظمه هؤلاء أثناء عودة الفريق باللقب القاري إلى المدينة. “ياسيدي الخير عامر لحرار” تدوي في الشوارع والأنصار يتذكرون سمير سطايفيالفرحة العارمة التي اكتسحت أمس ولاية سطيف عموما من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، لم تكن لتكتمل دون الأنغام الرائعة لـ “يا سيدي الخير عامر لحرار.. تربح الكحلة ونهدي ليزار”، فكل السيارات ضبطت أمواج الإذاعة على هذه الأغنية، فيما لم ينس الأنصار المرحوم سمير سطايفي الذي غيبه الموت عن الفرحة، ولم يحضر نيل الكأس الثانية بعد أن غنى للوفاق قبل 20 سنة، حيث عزم الأنصار على تنظيم زيارة إلى بيت الراحل وحمل الكأس إلى زوجته، وهو تعبير عن تضامن الوفاق مع رمز الأغنية السطايفية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات