تتعاون اجهزة الشرطة في العالم اجمع منذ نحو قرن لمكافحة الارهاب والجريمة وتعقب السفاحين وسارقي الاعمال الفنية، وذلك عبر الانتربول التي ابصرت النور رسميا في 1923 لكن فكرة تأسيسها ولدت قبل مئة عام في موناكو. وتزامناً مع ذكرى هذا الحدث ستعقد منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) التي تضم 190 دولة عضو، الاثنين وعلى مدى خمسة ايام، جمعيتها العامة السنوية الثالثة والثمانين في امارة موناكو حيث انعقد في نيسان 1914 المؤتمر الدولي الاول للشرطة القضائية. ففي تلك الاونة، اجتمع شرطيون وقضاة من 24 دولة من اجل ايجاد سبل للتعاون في حل قضايا اجرامية خاصة من خلال مناقشة انشاء سجل عدلي مركزي للسوابق. ولحظ المنظمون انذاك "ان العالم واحد والمجرمين لا يتوقفون عند الحدود التي تضعها السياسة والتاريخ". وجاءت الحرب العالمية الاولى لتؤخر تحقيق المشروع لكن الانتربول ابصرت النور في السابع من ايلول 1923 تحت اسم اللجنة الدولية للشرطة الجنائية التي اتخذت مقرا لها في فيينا. وخلال قرن، تمكنت الانتربول التي انتقل مقرها العالمي في 1946 الى فرنسا وهو اليوم في مدينة ليون (وسط شرق)، من فرض نفسها لدى الحكومات ك"دولية لاجهزة الشرطة" على ما قال الصحافي والباحث الفرنسي لوران غريلسامر في كتابه "الانتربول، الشرطة بلا حدود". وتملك المنظمة اليوم قاعدة معلومات من 155 الف تسجيل عن مجرمين دوليين معروفين من اجهزة الشرطة، واشخاص مفقودين وجثث وغيرها، وسجلها عن الجوازات الضائعة او المسروقة الذي انشىء على اثر اعتداءات 11 ايلول 2001 يتضمن 40 مليون مدخل. وقد عرفت الانتربول اوقاتا قاتمة عندما سيطر النازيون عليها بعد ضم النمسا، فظهرت عندئذ سجلات تشير الى الانتماء الديني. حينها حددت المنظمة التي تخلت عنها معظم الدول الاعضاء لنفسها هدفا بملاحقة "اعداء الرايخ". وفي العام 1946 حكم على مديرها النمساوي ارنست كالتنبرونر احد ابرز المسؤولين عن نظام الشرطة النازي بالاعدام شنقا في محكمة نورمبرغ. وبمبادرة بلجيكا، عادت الانتربول لتولد من جديد من بين الرماد بعد الحرب، وامتنعت عن النظر في اي قضية "تحمل طابعا سياسيا او دينيا او عنصريا". وفي العام 1946 اعتمدت "المذكرة الحمراء" الشهيرة وهي كناية عن مذكرة عالمية للاعتقال بهدف التسليم. ومن خصائصها "تحديد المجرمين في بلد ما لمنعهم من عبور الحدود" على ما اوضح لوران غريلسامر، وقد صدرت مذكرة حمراء بحق الرئيس السابق للجمهورية الصربية البوسنية رادوفان كرادجيتش الذي كان فارا طيلة ما يقرب من 13 عاما، قبل اعتقاله في تموز 2008. وفي العام 2013 صدرت 8857 مذكرة حمراء، لكن كل الوان قوس قزح موجودة تبعا للمعلومات المعلنة او المطلوبة، ففي ايلول 2013 انطلقت الانتربول للمرة الاولى في البحث عن مركب متهم بالصيد غير المشروع بموجب مذكرة بنفسجية صادرة بحقه. ومنذ سبعينات القرن الماضي تقدم منظمة الشرطة الجنائية الدولية دعمها لمكافحة الارهاب الدولي، ففي 1975 فتحت ملفا ضد الفنزويلي ايليتش راميريز سانشيز المعروف باسم كارلوس الذي تمكن "طيلة نحو 20 عاما من التملص من كل اجهزة الاستخبارات الغربية لكن ذاكرة الانتربول طاردته" حتى توقيفه في 1994 على قال غريلسامر،واليوم تحذر مذكرات برتقالية من مشبوهين. كذلك تلاحق الانتربول الاجرام اليومي او السفاحين المتجولين امثال الفرنسي شارل سوبراج المتهم بقتل نحو عشرة شبان متجولين في آسيا، وقد تم توقيفه في النيبال وحكم عليه بالسجن المؤبد في اب 2004 بتهمة قتل اميركية في 1975. الى ذلك، تلعب الانتربول دورا مركزيا ضد سرقات الاعمال الفنية من خلال اصدار مذكرات دولية تمنع بيعها. وبحكم كونها عصب اجهزة الشرطة في العالم، تعرضت الانتربول لاعتداءات خاصة من قبل مجموعة "اكسيون ديريكت" المسلحة الفرنسية من اليسار المتطرف في العام 1986.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات