لفظ (القرية) في العُرف المعاصر هو اللّفظ المقابل للفظ (المدينة)، ولكلّ منهما دلالة تغاير الآخر قليلاً أو كثيرًا، فإذا كان أوّلهما يُشير إلى الفقر والتخلّف من حيث الجملة، فإنّ الثاني يدلّ على الغنى والتحضّر من حيث الجملة أيضًا. بيد أنّ لفظ (القرية) في القرآن الكريم له من الدّلالة غير الدّلالة المستعملة في عُرفنا المعاصر.ورد لفظ (القرية) في القرآن الكريم في 56 موضعًا، جاء في جميعها بصيغة الاسم، ولم يأتِ بصيغة الفعل. وجاء هذا الاسم في أكثر مواضعه بصيغة المُفرد، نحو قوله تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيِةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} النّساء:75، وجاء في مواضع أقلّ بصيغة الجمع، من ذلك قوله سبحانه: {وَلْتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} الأنعام:92.ولفظ (القرية) ورد في القرآن الكريم على عدّة معان، نسوقها على النّحو التّالي: يُراد بها مجتمع النّاس في أيّ موضع، من ذلك قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} الإسراء:58. ويراد بها (مكّة المكرّمة)، كقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} النّحل:112. كما يُراد بها (مكّة والطّائف)، قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآن عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيم} الزُّخرف:31. وكذلك يراد بها (أنطاكية)، وذلك قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} يس:13.ويُراد بالقرية (بيت المقدس)، من ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةِ} البقرة:58. ويراد بها (سدوم)، مدينة من مدائن قوم لوط، قال تعالى: {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} العنكبوت:34. بالإضافة إلى معنى (نينوى)، كقوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُس} يونس:98. و(الأيلة)، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} الكهف:77. و(مصر)، كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} يوسف:82.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات