جاء في معاجم العربية أنّ الجذر اللّغوي (وحي) أصل يدل على إلقاء علم في إخفاء. قال الطبري: [أصل (الإيحاء)، إلقاء الموحي إلى الموحى إليه؛ وذلك قد يكون بكتاب، وإشارة، وإيماء، وبإلهام، وبرسالة]. ولذلك قالوا: الوحي: الإشارة، والكتاب، والرسالة. وكلّ ما ألقيته إلى غيرك حتّى علمه، فهو وحي كيف كان. وأوحى اللّه تعالى ووحى.ولفظ (الوحي) اصطلاحًا هو الكلام الّذي يلقيه سبحانه على أنبيائه وأوليائه، وذلك إمّا برسول مشاهد، تُرى ذاته، ويُسمع كلامه، كتبليغ جبريل عليه السّلام للنّبيّ في صورة معيّنة؛ وإمّا بسماع كلام من غير معاينة، كسماع موسى كلام اللّه؛ وإمّا بإلقاء في الرُّوع، كما جاء في قوله عليه الصّلاة والسّلام: “إنّ روح القدس نفث في رُوعي” رواه الحاكم في المستدرك، وإمّا بإلهام نحو قوله عزّ وجلّ: {وَأَوْحَيْنَا إلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} القصص:7، وإمّا بتسخير نحو قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} النّحل:68، أو بمنام كما قال عليه الصّلاة والسّلام: “لم يبق من النُّبوة إلّا المبشّرات”، قالوا: وما المبشرات؟ قال: “الرُّؤيا الصّالحة” رواه البخاري.ورد لفظ (الوحي) في القرآن الكريم في واحد وسبعين موضعًا، ورد في أربعين منها بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} النّحل:68، وورد بصيغة الاسم في واحد وثلاثين موضعًا، من ذلك قول الباري عزّ وجلّ: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكِ وَحْيُهُ} طه:114.والمتأمِّل في المعاني الّتي جاء عليها لفظ (الوحي) في القرآن الكريم، يجد أنّها ترجع إلى معنى (الإلقاء)، وهو المعنى اللّغوي لهذا اللّفظ؛ وهذا الإلقاء قد يكون عن طريق الإشارة، أو العبارة، أو الإلهام، أو الوسوسة، أو الرّؤيا المنامية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات