عن سهل بن سعد السّاعِدي قال: جاء رجُل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه دُلَّني على عمل إذا عَمِلْتُه أَحَبَّنِي اللّه، وأحَبَّنِي النّاس، فقال: “ازهَدْ فِي الدُّنيا يُحِبَّكَ اللّه، وازهَدْ فيمَا في أيدي النَّاسِ يُحبَّكَ النَّاس” حديث حسن رواه ابن ماجه وغيرُه بأسانيد حسنة.اشتمل هذا الحديثُ على وصيتين عظيمتين: إحداهما: الزُّهدُ في الدُّنيا، وأنَّه مقتضٍ لمحبّة اللّه عزّ وجلّ لعبده. والثانية: الزُّهد فيما في أيدي النّاس، وأنَّه مقتضٍ لِمحبَّة النَّاس.فأمَّا الزُّهد في الدُّنيا، فقد كثُر في القُرآن الإشارة إلى مدحه، وإلى ذمّ الرَّغبة في الدُّنيا، قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} الأعلى:16-17، وقال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيا وَاللّه يُرِيدُ الآخِرَةَ} الأنفال:67.وقد ذمَّ اللّه مَنْ كان يُريد الدُّنيا بعمله وسعيه ونيَّته، وقد سبق ذكرُ ذلك في الكلام على حديث: “الأعمال بالنِّيات” متّفق عليه. أمّا الأحاديث في ذمِّ الدُّنيا وحقارتها عند اللّه فكثيرةٌ جدًّا، ففي صحيح مسلم عن المستورد الفهري، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: “ما الدُّنيا في الآخرة إلاَّ كما يَجْعَلُ أحدُكم أصبَعَهُ في اليمِّ، فلينظر بماذا ترجع”.ومعنى الزُّهد في الشّيء: الإعراضُ عنه لاستقلاله، واحتقاره، وارتفاع الهمّةِ عنه، يُقال: شيء زهيد، أي: قليل حقير.أمّا الوصية الثانية: الزُّهدُ فيما في أيدي النّاس، وأنَّه موجبٌ لمحبَّة النّاس. وروي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنَّه وصَّى رجلاً، فقال: “ايأَسْ ممَّا في أيدي النَّاس تكُن غنيًا” أخرَجه الطبراني وغيره، ويروى من حديث سهل بن سعد مرفوعًا: “شرف المؤمن قيامُه باللّيل، وعزُّه استغناؤُه عن النّاسِ” أخرجه الحاكم وأبونُعيم من حديث سهل بن سعد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات