العبادة هي الغاية التّي خَلق اللّه لأجلها الخلق أجمعين، بل إنّ المخلوقين أنفسهم سمّوا عبادًا؛ لأنّ الغاية من وجودهم عبادة خالقهم ومعبودهم، وجميع شرائع الإسلام وأحكامه تسمّى عبادة؛ لأنّ العباد يتقرّبون بها إلى اللّه سبحانه، وهي المنجاة لهم يوم يقوم النّاس لربّ العالمين. والنّاس كلّهم عباد اللّه، بل الأشياء كلّها، بعضها بالتّسخير، وبعضها بالتّسخير والاختيار.وبالعودة إلى معاجم العربية، نجد أنّ الجذر (عبد) يدلّ على أصلين صحيحين متضادين، أحدهما: يدلّ على لين وذل، والآخر: يدلّ على شدّة وغلظة. و(العبادة) في الاصطلاح الشّرعي هي: اسم لكلّ ما يحبّه اللّه ويرضاه من الأقوال والأفعال الظّاهرة والباطنة.ولفظ (عبد) ومشتقّاته تواتر بكثرة في القرآن، وبلغ مجموع تواتره أربعًا وسبعين ومائتين موضع، جاء في اثنين وخمسين ومائة موضع بصيغة الاسم، من ذلك قوله تعالى: {وَاللّه رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} البقرة:207. وجاء في اثنين وعشرين ومائة موضع بصيغة الفعل، من ذلك قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاس اعْبُدُوا رَبّكم} البقرة:21.ولفظ (عبد) ومشتقّاته جاء في القرآن على عدّة معان، نذكر منها ما يأتي: بمعنى المؤمنين والكافرين، من ذلك قوله تعالى: {وَاللّه بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} آل عمران:15. المؤمنين من عباده خاصة، من ذلك قوله تعالى: {وَاللّه رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} البقرة:207. الكافرين والعاصين من عباده خاصة، كقوله سبحانه: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} يس:30. المصطفين والمجتبين من النّاس، كالأنبياء وغيرهم، كقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} فاطر:32. سيّد المُرسلين محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم، من ذلك قوله سبحانه: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللّه يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} الجن:19. التّوحيد، كقوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} النّساء:36. الطّاعة، من ذلك قوله سبحانه: {فَإِيَايَ فَاعْبُدُون}العنكبوت:56.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات