“دستور دون المعارضة سيكون شبيها بدستور مرسي”

+ -

 تتحدث المختصة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، لـ”الخبر”، عن رأيها في رسالة الرئيس الأخيرة التي أحيت الحديث عن الدستور التوافقي بعد فترة من السبات. وترى أن تعديل الدستور قد دخل مراحله الأخيرة، لكنها تشدد على ضرورة “التوافق” لتفادي تعميق التعديل المشكلة بدل حلها.هل تعتقدين فعلا أن مشاورات الدستور التوافقي وصلت إلى نضج في الأفكار كما جاء في رسالة الرئيس، في ظل المقاطعة التي شابتها من المعارضة؟ أعتقد أن الرئيس اكتفى بجولتي المشاورات التي أقامها، ولن يعمد إلى تنظيم جولة ثالثة، ما يعني أن تعديل الدستور دخل مراحله الأخيرة. لكني أريد التنبيه إلى أن إنتاج دستور دون توافق بين كل الأطراف، سيزيد من حجم الفجوة بين السلطة والمعارضة وبينها وبين الشعب أيضا. أنا أفضل ألا نعدل الدستور من الأصل إذا كان سيعمق من المشكلة بدل أن يحلها، وإجراء هذا التعديل دون معاودة الحوار وتقديم التنازلات من الجانبين، سلطة ومعارضة، سيأخذ الجزائر إلى الهاوية.الدستور هو الذي يرسم قواعد اللعبة السياسية، وعندما يتم اعتماده من دون مشاركة كل الفاعلين سيبقى حبرا على ورق. أنا كقانونية لا يهمني كيف يصل السياسيون إلى التوافق، هذه صنعتهم وهم مسؤولون عن دورهم، لكني أنبههم إلى أن اعتماد دستور دون توافق سيكون مآله خطيرا على البلاد. وعليهم أن يستخلصوا العبر من دستور الرئيس المصري السابق محمد مرسي، الذي لم يدم سوى أشهر بسبب اعتماده دون توافق بين السلطة والمعارضة في مصر.هل تشير عبارة “توافقات جوهرية” الواردة في رسالة الرئيس، إلى نيته في تمرير الدستور عبر الاستفتاء؟ قدم الرئيس إشارات في كلمته على أن التغيير ربما قد يكون بالاستفتاء، لأن التغيير الجوهري، الذي يمس بالتوازن بين السلطات والحقوق والحريات، يفرض، بنص المادة 176 من الدستور الحالي، المرور إلى الاستفتاء وعدم الاكتفاء بالبرلمان. لكن توقع كيفية تمرير الدستور لا يزال سابقا لأوانه قبل تقديم الوثيقة النهائية للدستور، التي سيقدمها رئيس الجمهورية إلى المجلس الدستوري من أجل إعطاء رأيه في فحوى التعديلات ومدى مساسها بالتوازن بين السلطات وغيرها، ثم تعود الوثيقة بعدها مشفوعة برأي المجلس الدستوري إلى رئيس الجمهورية الذي سيقرر طريقة اعتماد الدستور. وعن رأيي كمختصة في القانون الدستوري، أرى أن استفتاء الشعب هو أنجع الطرق، لأنه هو الأصل، ونوابه في البرلمان ليسوا سوى فرع وقد لا يكون لهم التمثيل الحقيقي.لماذا اختار الرئيس مناسبة إفريقية للحديث مجددا عن الدستور؟ أراد الرئيس أن يكون هذا الإعلان الجديد، خلال ندوة إفريقية، حتى يعطي انطباعا للأفارقة بأن الجزائر تواكب مسار التطور المسجل في الدساتير الإفريقية. لكن تعديل الدستور في الجزائر لن يكون في مستوى تطلع المواطنين إلى التمتع بكافة الحقوق والحريات الأساسية، ما لم يستتبع بضمانات قانونية لا تنتهك النصوص الدستورية المقررة. فالجزائر رغم انضمامها إلى كل الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية والنص عليها في دساتيرها، إلا أن بعض الحقوق بقيت حبرا على الورق، بفعل انتهاكها من القوانين المفسرة، خاصة في حرية التجمع وإنشاء الجمعيات والتظاهر وغيرها. لذلك يجب تغيير تركيبة المجلس الدستوري وانتشاله من الدور السياسي الذي يقوم به إلى دوره القضائي المعروف، وإعطاء المواطن الجزائري الحق بإخطار هذا المجلس بعدم دستورية القوانين عوض قصرها على 3 أشخاص في الدولة فقط.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: