“ستكون البلاد أمام دستور أمر واقع إذا أصر الرئيس على تمريره”

+ -

 يعتقد المحامي المتخصص في القانون العام حاليا، القاضي النقابي سابقا، عبد الله هبّول، أن الجزئية المركزية التي غابت في خطاب الرئيس بوتفليقة بخصوص الدستور، هي تحديد تاريخ تعديله والطريقة التي سيتم بها، أي عن طريق البرلمان أم الاستفتاء. وقال: “الرئيس أعلن في 4 جويلية 2006 في خطاب بوزارة الدفاع، ولأول مرة، عزمه على تعديل الدستور. فهل يعقل أن الفكرة استغرقت أكثر من 8 سنوات دون أن تنضج؟”.ذكر هبّول لـ«الخبر” أن “علاقة بوتفليقة بالدستور تتسم بعدم وضوح الرؤية من جانبه، ففي خطابه الأخير تحدث عن نضج الأفكار التي جمعها عن طريق مدير ديوانه، من الأحزاب المشاركة في الاستشارة حول الدستور، ولكن السؤال هو ما هي فكرته هو شخصيا حول الدستور؟ وما هو تصوّره للنظام الدستوري الأمثل للبلاد؟ هذا الأمر غير معروف لديه، رغم أن بوتفليقة قضى أطول فترة في الحكم مقارنة بكل الرؤساء الذين سبقوه. ومن المفارقات أن كل الذين سبقوه وضعوا دساتير تعكس تصورهم لمنظومة الحكم والنظام المؤسساتي”.ويرى القاضي سابقا، الذي تجمعه معارك قضائية مع وزير العدل السابق، الطيب بلعيز (وزير الداخلية حاليا)، أن الرئيس “ينبغي أن يصارح الجزائريين بالعوائق التي حالت دون تعديل الدستور طوال السنوات الماضية. أم أن بوتفليقة أدخل الدستور ضمن اللعبة السياسية، أي ضمن أسلوبه الخاص في إدارة دفة الحكم؟”. وأوضح هبّول أن “الربط الذي أحدثه الرئيس بين تعديل الدستور والحفاظ على استقرار البلاد وتجنيبها الاضطرابات، غير مفهوم وغير واضح. ولكن المؤكد أن عدم وضوح الرؤية هو سبب تردد الرئيس في تعديل الدستور، وهذا دليل عجز وفشل في إدارة منظومة الحكم”. وأضاف: “الدستور في أي بلد هو مرآة عاكسة لآمال المجتمع، وبوتفليقة صرح في بداية حكمه بأنه غير راض عن دستور الرئيس اليمين زروال، غير أنه أبقى عليه، فما الذي منعه من أن يترك بصماته عليه كما فعل الرؤساء الذين سبقوه؟”.وتابع هبّول: “من الغريب أن يحدث الرئيس تغييرات في كل أجهزة الدولة، بعد أن ركز كل الصلاحيات بين يديه، ويعجز عن تغيير القانون الأعلى في البلاد؟ إن عدم نضج فكرته بشأن الدستور مرده، في رأيي، قناعته بعدم وجود توافق حوله من جانب الطبقة السياسية. فقد قاطعت معظم الأحزاب والشخصيات المشاورات التي قادها مدير الديوان بالرئاسة، أحمد أويحيى. ولم تخلف وثيقة تعديل الدستور حركية داخل المجتمع، على عكس آخر تعديل عميق للدستور عرفته البلاد وكان عام 1996. وبما أن الفاعلين في الطبقة السياسية والمجتمع لم يتفاعلوا مع الموضوع، أظن أن تعديل الدستور مازال أمامه مشوار طويل”. وأفاد الخبير في القانون العام بأن “الانقسام والانشقاق في البلاد بخصوص جدوى تعديل الدستور أمر واضح للعيان، زيادة على عدم وضوح الرؤية لما ينبغي أن يكون عليه الدستور من جانب الرئيس. وفي ظل هذه المعطيات، إذا أصر رئيس الجمهورية على تمرير وثيقة التعديل فستكون البلاد أمام دستور أمر واقع”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: