38serv
أثار إعلان كريستيان غوركوف، مدرّب المنتخب الوطني، اعتماده على ثلاثة معايير لانتقاء قائمة الـ23 لاعبا للمشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2015، تساؤلات كثيرة، بعدما بدا مدرّب المنتخب الوطني “مستعدّا” لتفادي تقديم إجابات مقنعة وواضحة ومنطقية خلال ندوته الصحفية الأخيرة، بشأن خياراته وبشأن حتّى أهداف “الخضر” في دورة غينيا الاستوائية.حرص المدرّب غوركوف على عدم تقديم أي مبررات للإعلاميين بشأن دعوته لبعض اللاّعبين وتخلّيه عن البعض الآخر، رغم أن مدرّب المنتخب الوطني كشف عن المعايير الثلاثة التي أعدّ على ضوئها القائمة النهائية، والتي تتمثّل، مثلما قال، في “المستوى الفنّي للاّعب وفي مدى انسجام أدائه وطريقة لعبه مع المجموعة، وفي الجانب المعنوي للاّعب ومدى تقبّله مقعد البدلاء”، فقد فضّل عدم مواجهة الصحافيين، ما ترك الانطباع بأن غوركوف يدرك بأن المعايير التي حدّدها لا تنطبق على بعض اللاّعبين المعنيين بـ”كان 2015”.“مهدي مصطفى ينال “جزاء” تألقه أمام ألمانيا”ومن أبرز اللاّعبين الذين لا يمكن أن يتوفّر فيهم على الأقل شرط من الشروط الثلاثة، نجد لاعب الوسط الدفاعي لنادي ميتز الفرنسي أحمد قاسحي، كون هذا الأخير الذي اختاره غوركوف من القائمة الاحتياطية لتعويض غياب مهدي عبيد المصاب، لم يسبق له المشاركة في أي مباراة مع “الخضر”، ما يجعل غوركوف غير قادر على الحكم والفصل في إمكانية تجانس طريقة لعب قاسحي مع المجموعة، بينما كان أمام غوركوف خياران يتمثّلان في مهدي مصطفى سبع أو عدلان ڤديورة، فالأول برز بشكل لافت للانتباه في مباراة ألمانيا في ثمن نهائي مونديال البرازيل كواحد من أفضل اللاّعبين الجزائريين في استرجاع الكرات، ويملك مهدي مصطفى قدرات فنية كبيرة ومنسجم مع المجموعة ويقبل بأي قرار من مدرّبه، وهو أيضا لاعب ذو خبرة، خاصة حين يتعلق الأمر بالمباريات الصعبة في أدغال إفريقيا. أما الثاني، فهو لاعب لم يرفض المنتخب حتى حين تم شطب اسمه من مونديال البرازيل، ويملك ڤديورة قوة بدنية كبيرة وقذفات صاروخية أيضا.وبالحديث عن التكامل والفنيات، فإن غوركوف أسقط من قاموسه معيارا مهما، وهو يفضّل إسحاق بلفوضيل على بغداد بونجّاح ونبيل غيلاس بشأن قائمة المهاجمين، كون بلفوضيل يمر بفترة عصيبة وهو لا يشارك في المباريات الرسمية لفريقه بارما الإيطالي، وفقد الثقة بالنفس، بل إنه لم يسجّل أي هدف هذا الموسم ولا حتى الموسم الماضي مع فريقيه الأنتر وليفورنو في البطولة، في الوقت الذي يعتبر بغداد بونجّاح هدّاف البطولة التونسية وتم اختياره أحسن لاعب أجنبي في البطولة التونسية. في حين أقام غوركوف الحجة على نبيل غيلاس، لاعب قرطبة الإسباني، لعدم تقبّله كرسي البدلاء في مباراة مالي، وهو المعيار الثالث الذي كان سببا في عدم دعوته رغم حاجة المنتخب إلى خبرة وقوة لاعب من طراز غيلاس.واختار كريستيان غوركوف الظهير الأيمن مهدي زفّان، رغم أنه لا يلعب أصلا مع فريقه نادي ليون، وتفوّق زفّان على محمّد خثير زيتي لاعب شبيبة القبائل في معيار “خفي”، يتعلّق بتواجد الأول في بطولة أجنبية والثاني في بطولة محلية، بدليل أن غوركوف نفسه أثنى على زيتي حين انتقاه من بين مجموعة من اللاّعبين في تربص المحليين، لكنه أبعده حين تعلّق الأمر بالمشاركة في دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا.“غوركوف أحرج نفسه أمام الصحافيين بتصريحاته المتناقضة”واللاّفت للانتباه أيضا، أن تصريحات غوركوف في الندوة الصحفية افتقدت للصراحة حتى بشأن تحديده للهدف المسطّر من المشاركة في دورة غينيا الاستوائية، واكتفى المدرّب الوطني بالقول إنه يسعى للفوز بكل المباريات دون أن يعلن صراحة بأن المنتخب المونديالي صاحب صدارة ترتيب منتخبات القارة السمراء سيذهب من أجل العودة بالتاج، وهو الكلام الذي وضع مدرّب “الخضر” في حرج بعد سؤال أحد الصحافيين القاضي بمعرفة موقفه من خسارة أي مباراة في دورة غينيا الاستوائية، طالما أن الهدف هو الفوز بكل المباريات دون استثناء، فقد أدرك غوركوف بأنه أوقع نفسه في تناقض وبأن تصريحاته وصلت مبهمة وغريبة للصحافيين، وفهم بأن الإعلاميين مقتنعون بأن ما يقوله هو كلام للاستهلاك يفتقد للصراحة والحجة وقوة الإقناع، حتى حين سعى جاهدا لجعل الحديث عن أي تتويج محتمل لا يمرّ عبر سمعة “الخضر” فنيا، إنما عبر “إرادة” لاعبيه.طريقة عمل وتعامل كريستيان غوركوف، الذي سبق له دعوة الحارس فوزي شاوشي بعد مباراة “السوبر”، وهو الذي لم يشارك قبلها لسنة كاملة بسبب عقوبة الإيقاف، تثير الجدل وتبعث على الاعتقاد بأنه سيحذو حذو سابقه وحيد حاليلوزيتش الذي كانت لهجته في بداياته مع “الخضر” الصرامة واحترام شروط المشاركة مع المنتخب، ليجد البوسني نفسه بعد مرور الوقت مرغما على الدوس على قناعاته وجعل “الاستثناء” قاعدته على الدوام، الأمر الذي جعله (حاليلوزيتش) “يهاجم” الصحافيين، كلّما تعلّق الأمر بإحراجه بأسئلة حول التناقضات بين الفعل والكلام، فيما تبنّى غوركوف “لغة الخشب” واستثمر في “الإرادة” التي تعتبر مرادفا موجودا في قاموس ضعفاء المنتخبات والأندية التي تعني رفع التحديات أمام “الكبار”، ولا تعني إطلاقا “عملاقا” وسط كبار القارة السمراء.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات