يقدّم الصحفي بوكالة الأنباء الجزائرية، الزميل إدريس بوسكين، من خلال مؤلّفه ”أوروبا والهجرة.. الإسلام في أوروبا”، صورة واضحة عن واقع الإسلام في أوروبا، وعلى الأخصّ في فرنسا، واستشرافا لمستقبله هناك في ظلّ عالم هو فيه المقاوم والضحيّة في نفس الوقت.ويتطرّق الكتاب الصادر عن دار الحامد الأردنية، في 449 صفحة، لواقع الهجرة الإسلامية إلى القارة العجوز، باعتبارها ظاهرة مستمرّة ولكن معولمة، لربّما سيكون لها الأثر في رسم العلاقة بين الحضارتين الغربية والإسلام.وجاء المؤلّف في مقدمة وستة فصول وخاتمة، حيث أكّد السيّد بوسكين في مقدمة كتابه أنّ ”الإسلام يلعب يومًا بعد يومٍ دورًا مهمًّا في حياة أوروبا المعاصرة”، مشيرًا إلى أنّه ”يؤثّر وبقوّة في السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية شاملاً الاهتمامات السياسية لكلّ الدول الكبرى في القارة العجوز”. وأضاف: ”صار من غير الإمكان التنبّؤ بأوروبا المسقبلية بل وحتّى بالعالم أجمع من دون إدراج هذا العامل المهمّ ألاَ وهو الإسلام”. متسائلاً: ”هل ستكون أسلمة أوروبا أم أوربة الإسلام؟”، وهو التّساؤل الّذي طرحه كثيرون من سياسيين ومؤرّخين وإعلاميين ورجال الاجتماع، مشيرًا إلى أنّ جوابه ”لا ينحصر إلاّ في تنبّؤات ستتوضّح معالمها أكثر في المستقبل”.ويتناول الفصل الأوّل ”أوروبا والهجرة.. معطيات وحقائق” الهجرة الدولية وخاصة على ضوء الدراسات الميدانية والإحصاءات الرسمية، مستعرضًا نسبة المسلمين وخاصة في القارة الأوروبية، من خلال جداول مستقلّة ورسمية، بينما تطرّق الفصل الثاني ”الإسلام في أوروبا، هل من مستقبل؟” لظاهرة تخوّف أوروبا من تقديم إحصاء رسمي عن عدد المسلمين لديها (فرنسا مثلاً).واستعرض الكاتب في الفصل الثالث ”فرنسا ومسلميها.. تاريخ وواقع” مراحل تاريخ بلاد الغال (فرنسا حاليًا)، وكذلك تطوّر الهجرة لديها خلال عدّة مراحل، وآخرها ما بعد 1995 (الهجرة الإسلامية) كضحية لليمين.وناقش الفصل الرّابع ”المسلمون في فرنسا.. إلى متى الاختلاف” الكتاب الموسوعي ”تاريخ الإسلام والمسلمين في فرنسا: من العصور الوسطى إلى اليوم”، بدءًا بتقريض محمد أركون للكتاب، بالإضافة لعدد المسلمين وتصنيفهم وأماكن عبادتهم ومؤسساتهم الثقافية والدّينية، والتّحديات الّتي تواجههم.أمّا الفصل الخامس ”المغاربيون وفرنسا.. من الاستعمار وإليه”، فتناول مفاهيم متداولة بكثرة في فرنسا كالمواطنة والعلمانية أو اللائكية، إلى جانب العنصرية بين اليسار واليمين، والتّحديات الّتي تواجههم كالخمار والحجاب والنّقاب وتعدّد الزّوجات، وعودة الجدل حول قضية الهجرة في أوائل التسعينيات، وغيرها. وتطرّق الفصل السّادس ”العلاقة بين الإرهاب والهجرة.. تضخيم أم حقيقة” إلى اتهام وسائل الإعلام للمهاجرين غير الشرعيين وأغلبهم من المسلمين بالانخراط في شبكات الجريمة المنظمة كالدعارة والعنف والمخدّرات والإرهاب.واعتبر المؤلّف في خاتمة كتابه أنّ هذه الدّراسة المعمّقة ليست مجرّد مقاربة إيجابية جادة لواقع المسلمين الاجتماعي والحضاري في القارة العجوز، بل اعتمد فيه على جدلية تجعل القارئ يفهم حقيقة الهجرة إلى الغرب وواقع المسلمين هناك.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات