اختلفت آراء حقوقيين وقانونيين في مصر حول قرار إحالة أوراق 188 متهما في القضية المعروفة إعلاميا باسم “مجزرة كرداسة”، التي راح ضحيتها 13 من ضباط الجيش والشرطة، إلى مفتي الديار المصرية لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار أحكام بإعدامهم، ويرى البعض أن الحكم يفتقد لدرجات النزاهة، بينما يقول آخرون إن الحكم جاء قاسيا لجرائم بشعة، في الوقت نفسه تشهد منطقة كرداسة بمحافظة الجيزة، حالة من الاستنفار الأمني تحسبا لوقوع أي هجوم.ووصف المحامي أحمد الغمري، عضو هيئة الدفاع فتيات حركة “7 الصبح” بالإسكندرية، الحكم بالمسيس واتهم القضاء في مصر بأنه أصبح خصما للثورة، وينتقم من الثوار ويكيل بأكثر من ميزان، وقال إن حكم الإعدام هذا مسيس ويفتقد إلى أقل درجات النزاهة، وأضاف في حديث مع “الخبر” “هذه الأحكام والعدم سواء واحد، وسيثبت التاريخ بأن القضاة مخالفون للقانون، والتجارب السابقة تؤكد بأن المفتي سيصادق على الأحكام، لأنه ليس بعيدا عن العصابة، ومن قتل الآلاف في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، لن يتورع في أن يقتل آلافا آخرين، وللأسف نحن أمام قضاء انتقامي لا يعمل كقضاء، ويصدر أحكاما قاسية في حق متظاهرين بالرغم من أنه لا يملك أدلة أو شبهة تثبت تورطهم في القتل”.من جانبه، أفاد المحامي أحمد مهران، رئيس مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، بأن هذا الحكم سياسي ولا علاقة له بالقانون، وتوقع بأن يصدق المفتي على الأوراق، موضحا بأن إحالة أوراق المتهمين للمفتي إجراء شكلي لا يؤثر على شكل الحكم أو طبيعته، وأنه يجب على المفتي أن يرد على قراره خلال 30 يوما من إحالة الأوراق، وإن لم يرد وكأنه رد بالإيجاب، وحتى إن رد بالرفض يبقى رأيه استشاريا ولا يؤخذ عليه.وأرجح مهران بأن يكون مآل هذه الأحكام إلى الزوال، وأن تقوم محكمة النقض بالطعن عليها، وبالتالي سيتم إلغاء الأحكام الجنائية ومحاكمتهم مرة أخرى، وستنتهي المحاكمة بأحكام مختلفة تماما عن الأحكام الموجودة الآن، وأضاف لـ«الخبر”: “هذه الأحكام المشددة محاولة من النظام الحالي لتعطيل مسيرة العدالة وإطالة أمد النزاع، ليستمروا لأكبر وقت ممكن في السجن، حتى تستطيع القيادة السياسية السيطرة والتمكن من مقاليد الحكم، لأن هكذا أحكام غير منطقية وغير مقبولة، ولا أساس لها من القانون، والمحكمة ليس لديها أدلة واضحة لإدانتهم، وتأخذ بشكل عشوائي وتحكم بالإعدام بالشبهات على أشخاص تثار الشكوك على أنهم ينتمون لجهة بعينها، وهي المحاكم نفسها والقضاء الذي برّأ مبارك في اشتراكه في قتل المتظاهرين”.أما المحامى الحقوقي محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، فقال إن حكم الإعدام الذي وصفه بـ«الشديد جدا” كان واردا، لأن الجريمة التي حصلت في كرداسة قاسية وبشعة، وأتصور أنه في النهاية ستحترم الناس حكم المحكمة، خاصة في ظل تأزم المشهد في مصر”، مشيرا لـ«الخبر” إلى أن هناك صراعا سياسيا لا أفق له، ولا أرى أي أفق لحل سياسي قريبا، وأن الأوضاع مرشحة للتصعيد كثيرا، قبل أن يضيف “المشهد في مصر متأزم جدا بسبب العمليات الإرهابية والعنف الممارس في الشارع، في الوقت نفسه الدولة تأخذ إجراءات قانونية ضد هؤلاء وتتم محاكمتهم، وتصدر في حقهم أحكاما قاسية، وهي الإجراءات الوحيدة لمواجهة الواقع المؤسف الذي نعيشه كل يوم، من إرهاب وعنف، ونطلب من الله السلامة، لأن الوضع صعب جدا”.وكانت محكمة جنايات الجيزة، قد أحالت، أول أمس الثلاثاء، 188 متهما في أحداث مجزرة كرداسة، بينهم 151 متهما محبوسا و37 هاربا، لمفتي الديار المصرية للنظر في قرار إعدامهم لاتهامهم باقتحام مركز شرطة كرداسة في أوت عام 2013، عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، ما تسبب في قتل 13 من ضباط الجيش والشرطة، والتمثيل بجثثهم، والشروع في قتل 10 أفراد آخرين، وحددت جلسة 24 جانفي القادم للنطق بالحكم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات