السيّدة مارية بنت شمعون القبطية، إحدى أمّهات المؤمنين، أنجبت له ثالث أبنائه الذكور إبراهيم، والّذي توفي وهو طفل صغير.ذكر الرُّواة أنّه بعد أن تمّ صُلح الحُديبية بين الرّسول الكريم وبين المشركين في مكّة، وبدأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الدّعوة إلى الإسلام، وكتب عليه الصّلاة والسّلام كُتبًا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، ومن بين هؤلاء الملوك: المقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة. وبعد أن تلا عليه رسالة الرّسول الكريم، أخذ المقوقس الكتاب وختم عليه، وكتب إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كتَابًا، وأرسل معه هدية وهي: جاريتين (مارية وسيرين)، وألف مثقال ذهبًا، وعشرين ثوبًا وبغلة، فاختار الرّسول مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعرهِ حسّان بن ثابت الأنصاري.وحملت مارية بعد مرور عام على قدومها إلى المدينة، وفرح النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لسماع هذا الخبر، وفقد أولاده ما عَدَا فاطمة الزّهراء. وولدت طفلاً جميلاً يُشبِه الرّسول، وقد سمّاه إبراهيم. فعاش سنة وبضع شهور يَحظى برعاية النّبيّ الكريم، ثمّ مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، ومات وهو بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فبَكى عليه ودمعت عيناه.ولمارية شأن كبير في الآيات وفي أحداث السِّيرة النّبويّة. وأنزل اللّه عزّ وجلّ صدر سورة التّحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدّثون والمفسّرون في أحاديثهم وتصانيفهم. وكانت رضي اللّه عنها شديدة الحِرص على اكتساب مرضاة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام.عاشت مارية رضي اللّه عنها ما يُقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الرّاشدة، وتوفيت في المحرم من السنة السادسة عشر. ودعا عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه النّاس وجمعهم للصّلاة عليها. فاجتمع عدد كبير من الصّحابة من المهاجرين والأنصار ليَشهدوا جنازة مارية القبطية، ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النّبويّ رضي اللّه عنهنّ، وإلى جانب ابنها إبراهيم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات