+ -

 في البداية أود التنويه إلى توضيح هام هو أنني مسلم تربيت في أسرة مسلمة ولا أنتمي إلى أي تيار، لا لائكي ولا شيوعي، وأنا لست شيعيا أيضا، لأن هذه هي الأوصاف التي يطلقها “السلفيون” على كل ينتقدهم بموضوعية أو يناقشهم بمنطق العقل. أنا مسلم وفقط.ورجوعا إلى الموضوع الذي اخترت له عنوان “الوجه الخفي للسلفية” وهذا بناء على مطالعة لبعض الكتب والمنشورات والمطويات، وكذلك اعتمادا على مخالطتي لأنصار هذا التيار دون أن أنتمي إليه، فالسلفية كما يعلم الجميع منتشرة في الجزائر وبالتالي من السهل أن تجد السلفيين في الشارع والمسجد والجامعة... كما لا أخفيكم تأثري بعض الشيء بهذا التيار في مرحلة ما من حياتي، فتقربت من أحدهم ذات يوم وسألته عن معنى “السلفية” فقال لي “هي قرآن وسنة بفهم سلف الأمة”، أي الاعتماد على كتاب اللّه وسنة نبيه عليه السلام، قلت: “هذا شيء جميل”، فبدأت بشراء الكتب وانهمكت في المطالعة، فوجدت أن دعاتهم من أمثال سلمان العودة وعائض القرني وآخرون هم من حرّض على الفتنة في الجزائر في بداية التسعينيات بدعوتهم للخروج على الحكومة “الكافرة” بزعمهم، وفي الوقت نفسه قام الجنرال خالد نزار، وزير الدفاع وقتها، بزيارة إلى المملكة العربية السعودية بدعوة من الملك فهد ابن عبد العزيز. هذا الأخير قال للجنرال نزار جملته الشهيرة “العصا العصا”، في إشارة منه إلى استعمال القوة ضد الجماعات الإسلامية الراديكالية، كما تقرر دعم الجزائر بقرض مالي من أجل تجهيز الجيش في قتاله ضد هذه الجماعات المتطرفة. ما هذه المفارقة العجيبة؟! فمن جهة نجد علماء هذا الملك يحرّضون الجزائريين على الخروج على حكومتهم بدعوى أنها “كافرة”، ومن جهة أخرى نجد هذا الملك نفسه يحرّض هذه الحكومة “الكافرة” على قتال هؤلاء “الخوارج” “المرتدين”!معنى هذا أننا كلنا “كفار”، حكومة وشعبا، في نظر هؤلاء، وبالتالي فدمنا مهدور والحصيلة آلاف القتلى. لمصلحة من كل هذا؟ ليس لمصلحة الشعب الجزائري بالطبع.واصلت مطالعتي حول فتاوى هذا التيار، ولكن هذه المرة بخصوص أزمة الخليج. ففي سنة 1992 عند غزو العراق للكويت وجدت “السلفية” الذريعة لتدمير العراق عن طريق الاستعانة بأمريكا وحلفائها عن طريق الفتاوى، ولما وقف البعض في وجه “هيئة كبار العلماء” وقال لهم: كيف تستعينون بكافر على مسلم؟ قامت هذه “الهيئة” بتكفير صدام حسين، ولكن إذا فرضنا أن صدام “كافر” فإن شعبه ليس بكافر، أما المفارقة العجيبة فإن صدام مات على الشهادة “لا إله إلا اللّه” فكيف يكون كافرا؟إذا كانت “السلفية” كما يقولون: قرآن وسنة فاللّه تعالى قال: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما”، فاللّه تعالى لم يكفّر أي من الطائفتين، ولم يدعو إلى الاستعانة بأمريكا. لمصلحة من حدث كل هذا؟ ليس لمصلحة الشعب الكويتي ولا العراقي، أكيد.واصلت تعمّقي في خبايا الفكر “الوهابي”، وببعض التدقيق وجدت أن هذا التيار أريدَ له أن يكون له دورا في “الحرب الباردة”، حيث إن فتاوى “الجهاد” كانت لحساب طرف على آخر، بمعنى أن فتاوى الجهاد كانت موجهة فقط ضد المناطق التي يكون فيها “النفوذ السوفياتي” في الشيشان وأفغانستان. هذه الفتاوى من “هيئة كبار العلماء” كان يرافقها على الأرض قيام المخابرات السعودية، بقيادة الأمير بندر بن سلطان، بجمع ونقل آلاف المقاتلين من عدة دول عربية وإسلامية إلى الشيشان وأفغانستان من أجل “الجهاد” بحسب زعمهم، ولكن المفارقة أن هؤلاء المقاتلين “المغرر بهم” عندما ذهبوا قيل لهم “إنكم مجاهدون” في سبيل اللّه ومثواكم الجنة، وعندما أكملوا مهمتهم التي وكلوا بها ورجعوا إلى أوطانهم قيل لهم “أنتم إرهابيون”، “كفار”، “خوارج”ومثواكم النار!!لماذا كل هذا التناقض؟ لماذا يشرع الجهاد ضد “الروس” في أفغانستان والشيشان وكذلك ضد “الشيعة” في جنوب اليمن وسوريا والعراق ولا يشرع في فلسطين؟ أليس الفلسطينيون إخوة لنا في الإسلام، ومستضعفون وعلينا نصرتهم؟ وعندما قمت بطرح “الشبهات” والتساؤلات على أتباع “هيئة كبار العلماء” اتهمت بأني “ضال” و«مبتدع” و«متّبع الهوى”، وأفتوا بوجوب “هجري” وعدم إلقاء السلام عليّ! بدعوى أنني استعملت عقلي في الدين، فيما كان من الواجب عليّ “السمع والطاعة” دون تفكير ودون “عقل”.هذا جعلني أطرح التساؤل التالي: “لماذا لم يخلقنا اللّه دون عقل فنكون حيوانات ناطقة دينها الإسلام”؟! وخلاصة القول أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاء بدين الإسلام وليس السلفية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات