يقول الأستاذ راتب النابلسي: قول اللّه تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً} أشدُّ وَطئًا؛ أي: أعظم أثرًا ووقعًا؛ وأعمق أثرًا وأعظم ثمرة، واللّيل هو الوقت الّذي يكون بين من المغرب وحتّى الفجر، فمَن صلّى المغرب والعشاء والفجر كان كمَن حقّق جزءًا من هذه الآية، فكأنّه صلّى قيام اللّيل لأنّ هذه الصّلوات تكون في اللّيل، وهذا الوقت وقت راحة فالّذي يُصلّي فيه يؤكّد أنّ طاعة اللّه واللّقاء معه أغْلَى من الفِراش. {وَأَقْوَمُ قِيلاً} إن صحّ وجاءتك النَّفحات في صلاة اللّيل فأنتَ ملكتَ شيئًا مؤثّرًا تقوله للنّاس في النّهار.{إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً} إذا قُمتَ اللّيل ولم تنم النّوم الكافي نقول لك: إنّ لك في النّهار مجالاً للنّوم، فقد يأخذ الإنسان أحيانًا قيلولة ليستعين بها على قيام اللّيل، “استعينوا على القيام بالقيلولة وعلى الصّيام بالسّحور”، فمن الممكن أن يعوّض لك النّهار شيئًا من التّعَب، ومن الممكن أن تحلّ فيه مشاكلك الدّنيوية. {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} لاشكّ أنّ ذِكر اسم اللّه عزّ وجلّ ليس المقصود منه أن تقول (اللّه) بقلب غافل، فهذا لا يرضي اللّه عزّ وجلّ ولا يحقّق ثمرة من ثمار الذِّكر، وقال العلماء: الذِّكْر هو أن تذكر اللّه بلسانك على أن يكون قلبك خاشِعًا؛ أي: ذكر اللّسان مع حضور القلب. والتبتيل هو الانقطاع، فلا بدّ من أن تقتطع من وقتك وقتًا لمعرفة اللّه والاتّصال به، والّذي لا يجد في حياته وقتًا لمعرفة اللّه وحفظ القرآن وتعليمه، ولا يجد وقتًا للعمل الصّالح والأمر بالمعروف، هو الإنسان ميت لكن بصورة حي، فلا بدّ من التبتُّل والانقطاع، ولا بدّ من أن تقتطع من وقتك وقتًا لمعرفة اللّه.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات