السلطة تفتقد للبدائل المالية وتتظاهر بامتلاك هامش للمناورة

+ -

 أعطت السلطة الانطباع، في أعقاب الاجتماع المصغر الذي عقده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بدلا من اجتماع مجلس الوزراء، بأنها تملك هامشا للمناورة في مواجهة تدهور مداخيل الدولة، جراء السقوط الحر لأسعار النفط، رغم أن الحقيقة تشير إلى أن مؤشرات الاقتصاد الوطني بدأت تتلون بـ”الأحمر”.فضل الرئيس بوتفليقة استدعاء بعض الوزراء، عوض عقد مجلس الوزراء الذي لم يلتئم منذ عدة أشهر، لعدم شد انتباه الرأي العام بقوة إلى الوضعية المالية التي تواجه البلاد، بحيث الرسالة الموجهة من وراء هذا اللقاء المصغر الذي لم تعلن فيه أي قرارات، بأنه كان مجرد استشارة مع القطاعات التي تستهلك الجزء الأكبر من ميزانية الدولة. وصبت توجيهات الرئيس، خلال هذا اللقاء الفريد من نوعه في بروتوكولات الاجتماعات الرسمية والشبيهة باجتماعات المجلس الأعلى للأمن، أن الأزمة المتولدة من تدني أسعار المحروقات ما زالت لم تطرق أبواب الجزائر وأن سحابتها “عابرة”، بحيث طمأن بوتفليقة الشارع بعدم المساس بالبرنامج الخماسي للاستثمارات العمومية وإطلاق المشاريع الجديدة وعدم التخلي عن سياسة دعم الأسعار، في حين يرى الخبراء أن استمرار الدولة في توزيع الريع لشراء السلم الاجتماعي لم يعد ممكنا كما في السابق، لأن عودة الانتعاش للسوق النفطية لن تكون في المدى القريب، خصوصا بعدما سجل صندوق النقد الدولي أن تراجع أسعار النفط من شأنه بعث نمو الاقتصاد العالمي الذي دخل في فترة ركود بسبب الأزمة المالية العالمية.ورغم أن معيار الاستدانة ليس مقياسا للحكم على قوة الاقتصاد، بدليل أن الولايات المتحدة التي تمثل أكبر اقتصاد عالمي لديها ديون ضخمة، غير أن ذلك لم يمنع الرئيس بوتفليقة من القول خلال ترؤسه مجلسا مصغرا لبحث التطورات المسجلة على مستوى السوق النفطية الدولية، إن الجزائر “تملك هامش مناورة نتيجة التسديد المسبق لغالبية الديون العمومية” وتوفرها على “احتياطيات صرف” وكذا “الادخار العمومي المتوفر على مستوى صندوق ضبط الإيرادات”. وخلت التوجيهات، الواردة في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، من عبارات “الصرامة” و”التقشف” أو “الاقتطاع من الميزانية”، واكتفت باستعمال مصطلحات “ترشيد” النفقات ومحاربة التهريب والتبذير، وهو ما يعني استمرار السياسة الشعبوية للحيلولة دون إحداث رجة وسط المجتمع، رغم أن الرئيس دعا ضمنيا إلى تجميد الأجور من خلال مطالبته الحكومة بما أسماه “ترشيد النفقات العمومية سيما على مستوى ميزانية التسيير”، ما يعني أن مراجعة المادة 87 مكرر ستكون المعني الأول بـ”الاقتطاع”، في حال استمر هبوط سعر برميل النفط في الأشهر القليلة المقبلة.ولكن ما هي البدائل التي أمام الدولة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية ؟ لا تملك السلطة حلولا كثيرة، فحتى دعوة الرئيس لترشيد “الواردات وتعزيز مراقبة عمليات تمويل التجارة الخارجية وتفادي كل أشكال تهريب رؤوس الأموال” يستعصي تحقيقها، بعدما تعود الجزائريون على نمط استهلاكي معين و”تغوّل” أصحاب الاستيراد الذين تعودوا هم أيضا على نسبة مداخيل وأرباح لن يتنازلوا عنها، خصوصا بعدما نجحوا في إبرام عقد الزواج بين السلطة والمال.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: