38serv
اعلم أنّ اليهود يستقبلون بيت المقدس وليس هذا الاستقبال من أصل دينهم، لأنّ بيت المقدس إنّما بني بعد موسى عليه السّلام. بناه سليمان عليه السّلام، فلا تجد في أسفار التّوراة الخمسة ذكر الاستقبال جهة معيّنة في عبادة اللّه تعالى والصّلاة والدّعاء، لكن سليمان عليه السّلام هو الّذي سنّ استقبال بيت المقدس.وأمّا النّصارى فإنّهم لم يقع في إنجيلهم تغيّر لما كان عليه اليهود في أمر الاستقبال في الصّلاة، ولا تعيين جهة معيّنة، لكن لمّا وجدوا الرّوم يجعلون أبواب هياكلهم مستقبلة لمشرق الشّمس بحيث تدخل أشعة الشّمس عند طلوعها من باب الهيكل وتقع على الصنم صاحب الهيكل الموضوع في منتهى الهيكل عكسوا ذلك، فجعلوا أبواب الكنائس إلى الغرب، وبذلك يكون المذبح إلى الغرب والمصلّون يستقبلون الشّرق.. فهذه حالة النّصارى في وقت نزول الآية؛ ثمّ إنّ النّصارى من العصور الوسطى إلى الآن توسّعوا فتركوا استقبال جهة معيّنة، فلذلك تكون كنائسهم مختلفة الاتجاه وكذلك المذابح المتعدّدة في الكنيسة الواحدة.فالقبلة ليست مجرّد مكان أو جهة تتّجه إليها الجماعة في الصّلاة، بل هي رمز يميّز شخصية الأمّة الإسلامية ووحدتها ويميّز هدفها واهتماماتها ويميّز كيانها.. فهل هي الآن مستعدة لإدراك هذه المعاني وتطبيق مفهوم هذا الاتجاه؟ وإلى أيّ جهة تستقبل الأمّة الإسلامية الآن؟ أُرى إلى قبلة! ألم يأن للأمّة الإسلامية أن تحوّل قبلتها وتحارب عدوّها الّذي يغزوها في عقر دارها، يغزوها في عقيدتها وسلوكها، يغزوها فيشتّت صفوفها ويجعل أبناءها كالوحوش الضّارية يقتل بعضهم بعضًا؟ فأين هي من الإسلام؟الإسلام يدعو البشرية كلّها إلى الوحدة في اللّه لا تعصّبًا منه، بل للخير والحقّ والصّلاح.. فالمسلمون هم الغالبون وهم الأعلون وهم الأمّة الوسط وهم خير أمّة أخرجت للنّاس.. ولكن المسلمون اليوم في شتات تائهين، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه!
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات