38serv
عبر عقود من الزمن عاشت الجماهير العاشقة للعبة كرة القدم على ”ريتم” الكرة البرازيلية، الكرة التي صارت رمزا لهذه الدولة اللاتينية تجاوزت شهرتها شهرة مشروب القهوة أو رقصة السامبا، كرة القدم البرازيلية ارتبطت بالنجوم والمتعة والفنيات والأهداف والألقاب، ولكن كل هذا لم يعد حقيقياً في السنوات القليلة الماضية٫٫٫٫. بدأت الكرة البرازيلية تعاني من المشاكل وخيبات الأمل، حتى تلقى منتخبها سباعية كاملة بمعقله في ماراكانا في نصف نهائي كأس العالم الأخيرة، وهي حاليا على مشارف الخروج من ”كوبا أميركا” بعد خسارتها أمام كولومبيا وطرد ومعاقبة نجمها الأول نيمار.لم تبق الكرة البرازيلية الأولى عالمياً حتى في تصنيف الفيفا، ولم يعد مدربوها مطلوبين كما كانوا من قبل، ولم يعد منتخبها ذلك الاسم المرعب كما في السابق، كما تراجعت شعبيتها بشكل كبير، ولم يعد منتخب السامبا ذلك المنتخب الذي تعلق الجميع به بفضل نجوم كبار مثل بيليه ورونالدو، ومن زيكو وسقراط إلى ريفالدوا وروبرتو كارلوس، ومن زاغالو إلى هافلانج، كانت لكرة القدم البرازيلية نكهة مختلفة وشيئاً مُميزاً في تاريخ اللعبة الشعبية الأولى في العالم.البرازيل.. رمز القوة والمتعة والجمال في كرة القدمالبرازيل هو المنتخب الوحيد التي ظهر في كل بطولات كأس العالم لكرة القدم دون استثناء، ففي السويد عام 58 أبهر العالم بعد أن قدم له أحد أشهر لاعبيه على الإطلاق الأسطورة بيليه.. البرازيل هو ذلك المنتخب الذي احتفظ بكأس العالم الأولى ”جول ريميه” بشكل نهائي عقب الفوز في 3 مناسبات، الثالثة كانت على أرض المكسيك في نهائي حفظته الذاكرة أمام إيطاليا.وانتهى عهد بيلي وعاشت البرازيل من بعده المعاناة طيلة عقدٍ من الزمن، قبل أن يحل جيل سقراط وزيكو وفالكاو وجنيور ليبهروا العالم بكرة ولا أحلى قدمها فريق ولا أقوى، وصفه المراقبون بأنه أحد أفضل الفرق في تاريخ كرة القدم خلال مونديال إسبانيا، رغم الخسارة والإقصاء أمام إيطاليا باولو روسي.ثم جاء جيل روماريو وبيبيتو وثأر من ”الطليان” في مونديال 1994 بالولايات المتحدة وأحرز الكأس الرابعة، ليخسر في الدورة الموالية مع الظاهرة رونالدو فرصة الكأس الخامسة في النهائي أمام فرنسا، لكنه عوض ذلك سريعا بالتتويج بها في دورة اليابان وكوريا.أين هم اللاعبون من طينة رونالدو وريفالدو وبيبيتو..؟لكن ”العقم” ضرب الكرة البرازيلية فلم تعد تنجب لاعبين من قيمة رونالدو وريفالدو وبيبيتو وروماريو وغيرهم، بدليل أنه لم يكن لها أي لاعب في القائمة المختصرة التي تضم 3 لاعبين يختار منهم الأفضل في العالم منذ وصل كاكا وفاز بالجائزة في 2007، وجاء نيمار أبرز لاعبيها في المركز الخامس لعام 2013، فأصبحت البرازيل تلعب بفريد ودوغلاس كوستا وفيرمينو لاعبين من المستوى الثاني.من 2002 بدأ السقوط الحر للكرة البرازيلية، فخرج المنتخب بشكل مهين في ربع النهائي أمام فرنسا في بطولة 2006، وفي نفس الدور من بطولة 2010 بجنوب إفريقيا، لتكون الصدمة الأكبر بمناسبة دورة 2014 والخسارة التاريخية أمام ”الماكنات” الألمانية بسباعية كاملة، هزيمة كانت نتاج تراكم مروع لتراجع بطيء امتد منذ فترة طويلة في كرة القدم وهو يمتد لغاية أيامنا هذه.ولا يبدو المنتخب الحالي تحت قيادة دونغا رغم عروضة ”الودية” الجيدة في حال أفضل، ولا يبدو مؤهلا لتحقيق نتيجة أفضل في ”كوبا أميركا” الحالية من تلك التي حققها في الدورة الماضية عندما خسر بركلات الترجيح أمام منتخب أوروغواي في الدور ربع النهائي.زيكو: خسارتنا أمام إيطاليا في كأس العالم 1982 كانت نقطة التحولوتبدو مشكلات كرة القدم البرازيلية أعمق من النتائج، ويشعر كثيرون بأن البرازيل تدفع الآن ثمناً باهظاً لتحول اهتمامها منذ الثمانينات والتسعينات من الاعتماد على المهارات الفنية إلى القوة والسرعة توازيا بما يحدث في أوروبا، فضاعت هوية الكرة البرازيلية بين هذا وذاك.وقال زيكو ذات مرة، وهو واحد من أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم الملاعب البرازيلية، إنه لو ظهر في هذا العصر لما حقق ما وصل إليه، وقال في مؤتمر سابق عن كرة القدم ”أنا واثق أني لو ذهبت للاختبار في أحد أندية كرة القدم اليوم لرفضوني لأني هزيل البنية وضئيل الحجم”. وأضاف ”لم نعد نرى مهاجمين من طينة روماريو في مسابقات الناشئين.. (المهاجم الصريح)”، في إشارة للمهاجم القصير الذي قاد البرازيل للفوز بكأس العالم في 1994، ”من هنا يبدأ التدهور في كرة القدم البرازيلية”.وحتى حين يبزغ نجم أحدهم فإن مشواره عادة ما ينحرف عن مساره، مثلما حدث مع روبينيو وألكسندر باتو اللذين فشلا في الارتقاء لمستوى التوقعات، بعد تجارب غير موفقة على مستوى الأندية في أوروبا.وبحسب زيكو فإن نقطة التحول في مسار كرة القدم البرازيلية كانت الهزيمة أمام إيطاليا في كأس العالم 1982، حين خرج أحد أروع المنتخبات التي شاهدها العالم في البطولة خالي الوفاض.وقال زيكو ”لو أننا فزنا بتلك المباراة لتغيرت كرة القدم تماماً، لكننا بدلاً من ذلك بدأنا الاعتماد على تحقيق النتائج بأي ثمن، والاعتماد على المخالفات لوقف هجمات المنافسين”. وتابع ”لم تكن تلك الهزيمة مفيدة لكرة القدم العالمية”.نيمار: علينا أن نعترف أننا خلف ألمانيا وإسبانياوقال مدرب البرازيل السابق لويز فيليبي سكولاري إن لاعبين كثرا يختفون تماماً بعد الانتقال للعب في الخارج في سن صغيرة. وأضاف في تصريحات سابقة ”البرازيل تنتج بالفعل لاعبين جيدين، لكن علينا أن نفهم أن كثيرين منهم يبدؤون هنا وينتقلون للخارج في سن باكرة جداً، لذلك فإنه لا سبيل إلا محاولات البحث والرصد للكشف عن لاعبي البرازيل المميزين بالخارج”.وشن الكاتب المخضرم فرناندو كالازانز هجوماً حاداً على هذا الجيل من المدربين ومن بينهم سكولاري في عموده بصحيفة ”أوغلوبو” بعد الخسارة المريرة أمام ألمانيا العام الماضي، وكتب ”من السهل لوم الإدارات، ومن الصواب سياسياً أن تتجنب مهاجمة المدربين الذين يطلقون على أنفسهم الأساتذة، وهؤلاء باستثناءات قليلة جداً لا يملكون أية لمسات، مع فقر تام من الناحية المعلوماتية”. وأضاف ”على مدار أعوام وأعوام ماضية تخصصوا في الخطط الدفاعية والفوز بهدف وحيد، والاعتماد على التمريرات الطويلة، ومطالبة لاعبيهم بارتكاب مخالفات وركل المنافسين ودفعهم”.من جهته كان النجم نيمار قد أقر العام الماضي بأن كرة القدم البرازيلية لم تعد الأفضل في العالم، قائلا في تصريحات سابقة ”أعتقد أن كرة القدم في البرازيل تراجعت. إنها خلف ألمانيا، خلف إسبانيا، إننا في الخلف، وعلينا أن نكون رجالا ونعترف بذلك”.وفسر محللون أيضا تردي مستوى الكرة البرازيلية بمشاكل البلاد الاقتصادية التي دفعت المواهب الشابة هناك للهجرة في سن جد مبكر، إضافة إلى سوء التسيير في الاتحادية المحلية المتورطة في عدة قضايا للفساد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات