38serv
ما هي آداب وأحكام عيد الفطر المبارك؟ وما هي أحكام زكاة الفطر؟ هذا شهر رمضان يرحل عنّا، فيا سعادةَ من عمل فيه وصام نهاره وقام ليله إيمانًا واحتسابًا، ويا شقاء مَن حُرِم العمل فيه فأُبعِد وحُرِم الخيرَ، ولا يقنط من رحمة اللّه مَن كان مِن الصنف الثاني وليسارع بالتّوبة النّصوح قبل أن ينتهي الأجَل كما انتهى رمضان وكأنّه لحظاتٍ وسرعان ما انتهَت.وقبل أن نتكلّم عن آداب العيد وأحكامه وفرحة الصّائم بفطره، لابُدّ أن يَعلم الصّائم أنّ اللّه فرض علينا زكاة الفطر في آخر شهر رمضان لتجبر الكسر وتكمّل النّقص الّذي كان في رمضان بسبب الغفلة والخطأ، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم “طُهرة للصّائم من اللغو والرَّفث وطُعمة للمساكين”، فعن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: “فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زكاة الفطر من رمضان على النّاس” متفق عليه.وهي واجبة على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والعبد والحُرّ من المسلمين لحديث عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال: “فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحُرّ والذّكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين”.وأصناف زكاة الفطر متعدّدة فعن أبي سعيد الخُدري رضي اللّه عنه قال: “كُنّا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من أقط أو صاعًا من زبيب”. وأفضل وقت لإخراجها هو صباح يوم العيد، فعند مسلم من حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: “أمر بزكاة الفطر أن تُؤَدَّى قبل خروج النّاس إلى الصّلاة”. ويجوز أن تخرج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين لتحقيق المصلحة وهي إدخال الفرحة على قلوب المساكين وأبنائهم، ويجوز إخراجها قيمة بدل الطعام لأجل تحقيق هذه المصلحة، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، فإنْ أخّرها عن صلاة العيد بلا عُذر لم تُقبَل منه على أنّها زكاة فطر بل هي صدقة من الصّدقات، فعن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما قال: “..مَن أدّاها قبل الصّلاة قبل الصّلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أدّاها بعد الصّلاة فهي صدقة من الصّدقات”.ومن السُنَّة أيضًا أن يحرص الصّائم على صيام ستٍّ من شوال، فعن أبي أيّوب رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “مَن صام رمضان ثمّ أتبعه ستًّا من شوّال كان كصيام الدّهر” رواه مسلم.أمّا عن أحكام وآداب العيد فنجملها فيما يأتي:- التّجمُّل في العيد: وذلك بلبس أحسن الثياب والتطيُّب، فعن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال: “كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جبّة يلبسها في العيدين”، وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: “أخذ عمر جبّة من استبرق تُباع في السوق، فأخذها فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه: ابْتَعْ هذه تجمّل بها للعيد والوفود..”، متفق عليه.- الاغتسال قبل الخروج للصّلاة: يستحب الاغتسال يوم العيد، فعن نافع مولى ابن عمر رضي اللّه عنهم أنّ عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المُصلّى” أخرجه مالك.- أكل تمرات قبل الخروج للصّلاة: فعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: “كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يغدو يوم الفطر حتّى يأكل تمرات ويأكلهنّ وترًا” رواه البخاري، ويحرم صوم يوم العيد، فقد نهى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن صومه” متفق عليه.- خروج النساء إلى المُصلّى: من السُنّة خروج النساء إلى المُصلّى لصلاة العيدين، فعن أمّ عطيّة الأنصارية رضي اللّه عنها قالت: “أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن نخرجهنّ في الفطر والأضحى، العواتق والحُيّض وذوات الخدور، فأمّا الحُيّض فيعتزلن الصّلاة – وفي لفظ المُصلّى- ويشهدن الخير الكثير ودعوة المسلمين” متفق عليه.- التّكبير في العيدين: يُشرَع التّكبير في ليلة العيد ويستمر إلى صلاة العيد، قال تعالى: {ولِتُكْمِلُوا العِدَّة ولتكبِّروا اللّه على ما هداكم ولعلّكم تشكرون}، وصيغة التّكبير الأمر فيها واسع.- السُّرور والفرح بالعيد: فيشرع الفرح والسرور بالعيد والتّرويح على النّفس والتّوسعة على الأهل في نطاق الحلال والمشروع، ويستحبّ كذلك صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب والإخوان، فعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: “دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعندي جاريتان تغنّيان بغناء بَعَاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهَه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمار الشّيطان عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؟ فأقبل عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: “دَعْهُمَا” وفي رواية قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: “يا أبا بكر إنّ لكلّ قومٍ عيدًا وهذا عيدنا” رواه البخاري ومسلم.قال الحافظ في الفتح: “وفي هذا الحديث مشروعية التّوسعة على العيال في أيّام العيد بأنواع ما يحصل لهم بسط النّفس وترويح البدن من كلف العبادة”.- التهنئة بالعيد: بأن يهنّئ المسلمون بعضهم بعضًا بالعيد فإن ذلك من الأخلاق الّتي تجمع الشّمل وتصفِّي القلوب من الشّحناء والضّغينة، وذلك بالألفاظ المناسبة لذلك كقول: تقبّل اللّه منّا ومنكم، غفر اللّه لنا ولكم، عيدكم مبارَك، أعاده علينا وعلى الأمّة الإسلامية باليُمن والبركات.ونُنبّه إلى أنّ تخصيص يوم العيد بزيارة المقابر من البدع، لأنّ يوم العيد يوم فرح وسرور لا يوم حزن وبكاء، ولذلك كرّهه الإمام مالك رحمه اللّه، واللّه أعلم.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات