38serv
لئن انقضى شهر رمضان المبارك وولّى، فإن المؤمن يظلّ صيامه متواصلاً لا ينقطع، وبمجرد أن ينقضي شهر الصّيام يأتينا شهر شوال وفيه يتأكّد صيام 6 أيّام منها، وقد أرشد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمّته إلى فضل الست من شوال، وحثّهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيّام.❊ورد في فضل صيام الست من شوّال الحديث المشهور الّذي خرّجه الإمام مسلم من حديث أبي أيُّوب الأنصاري رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال “مَن صام رمضان ثمّ أتبعَه ستًّا من شوّال كان كصيام الدّهر”.قال الإمام المناوي رحمه الله: “خُصّ شوال لأنّه زمن يستدعي الرّغبة فيه إلى الطّعام لوقوعه عقب الصّوم، فالصّوم حينئذ أشقّ وثوابه أكثر”. وقال الإمام النووي رحمه الله: قال العلماء: “وإنّما كان كصيام الدّهر، لأنّ الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين”، ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك رضي الله عنه: “قيل: صيامها من شوّال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدّهر فرضًا”.فليس للطّاعات موسم معيّن، فإذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى المعاصي. بل إنّ موسم الطّاعات يستمر مع العبد في حياته كلّها، وقد قيل للعارف بالله بشر الحافي رحمه الله: إنّ قومًا يتعبّدون ويجتهدون في رمضان. فقال: “بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقًّا إلاّ في شهر رمضان، إنّ الصّالح الّذي يتعبّد ويجتهد السنة كلّها”.لهذا يستحب المبادرة إلى صيام الست من شوال، بحيث يبدأ بها من اليوم الثاني من الشّهر، وهذا ما ذهب إليه الشافعي وأبو حنيفة، ولا حرج في عدم المبادرة، فلو أخّرها أوسط الشّهر أو أواخره فلا بأس، وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد.وفي معاودة الصّيام بعد رمضان فوائد عديدة، منها: أنّ صيام ستة أيّام من شوّال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدّهر كلّه. كما أنّ صيام شوّال وشعبان كصلاة السُّنَن الرّواتب قبل الصّلاة المفروضة وبعدها، نكمل بذلك ما حصل من خَلَل ونقص، فإنّ الفرائض تُجْبَرُ بالنّوافل يوم القيامة، وكان سيّدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: “مَن لم يجد ما يتصدّق به فليَصُم”، والمعنى أنّ مَن لم يجد ما يخرجه صدقة الفطر فليَصُم فإنّ الصّيام يقوم مقام الإطعام في التّكفير للسّيِّئات.ومُعاودة الصّيام بعد رمضان علامة على قبول صيام رمضان، فإنّ الله إذا تقبَّل عمل عبد وفّقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة حسنة بعدها. وأنّ فيه شُكرًا لنِعمة الإتمام، ومن حقّ الشُّكر الصّوم، وكان بعض السّلف الصّالح رضي الله عنهم إذا وُفِّق لقيام ليلة من اللّيالي أصبح صائمًا ويجعل صيامه شُكرًا للتّوفيق للقيام.كما أنّ أعمال رمضان لا تنقطع، والطّاعة بعدها دليل على عدم استثقال الصّيام، وقد كان من هدي سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه يقضي ما يفوته من الأوراد والسُّنَن، حتّى أنّه قضى مرّة اعتكاف رمضان فاعتكف في شوّال.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات