38serv
دلّ القرآن الكريم على حقيقة “إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمُ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمُ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون” المُمتحنة:2، فلا تعرض لأعدائهم فرصة يتمكّنون فيها من المسلمين حتّى يتصرّفوا معهم تصرّف العدوّ الأصيل ويوقعوا بهم ما يملكون من أذى وتنكيل بالأيدي وبالألسنة وبكلّ وسيلة وكلّ سبيل.وما انتصر أسلافنا الصّالحون على أعدائهم وما نعموا بالفتوحات وبالذّات في شهر رمضان المبارك، إلاّ أنّهم كانوا يصومون حقًّا عن كلّ ما يغضب الله ورسوله، يصومون عن التفرقة والنّزاع، يصومون عن مخالفة أهل العلم وأهل السّلطان، كانوا يتسابقون للخيرات ويؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خُصاصة... كانوا يعرفون لهذا الشّهر الكريم مزاياه عن النّفوس والأبدان... كانوا رُهبانًا باللّيل وفرسانًا بالنّهار، أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم.. كانوا يجاهدون لا على حزبية أو قومية بل في سبيل سلامة البشرية وإنقاذها من غياهب الجور والطّغيان... وما كان شغلهم إلاّ إخراج النّاس من الظّلمات إلى النّور... ومن البغضاء إلى المحبّة والسّلام... كانوا أروع قدوة للنّاس في تفتّحهم وسماحتهم وصلابتهم في مبادئهم ومعاملتهم الليّنة حتّى مع مَن يُعاديهم في عقيدتهم، فكم أناروا من سبيل وكم أزاحوا من أوهام وكم حاربوا من أصنام وكم دخل النّاس بهم في الإسلام... وكانوا يرون السّلطة بلاءًا وامتحانًا فيفرّون منها لأنّهم كانوا يدركون حقيقة قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للّذي طلب منه إمارة: “إنّها خِزْيٌّ وندامة”، وقوله لآخر: “إنّا والله لا نُوَلّي هذا الأمر أحد سأله”، وقوله: “إذا لم تسألها أُعنت عليها وإن سألتها وكلت إليها”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات