حاملو الألقاب العربية بفرنسا ليسوا "إرهابيي المستقبل"

38serv

+ -

رفض الأمين الوطني المكلف بالأمن بحزب “الجمهوريين” اليميني وعمدة بلدية “أنولي سوبوا” بمقاطعة سان سانت دوني بباريس “برونو بشيزا” الوصف الذي يتعب أحياء الضاحية الباريسية “مخابئ للإرهابيين بفرنسا”، كما شدد على أن حاملي الألقاب المغاربية أو العربية ليسوا بالضرورة “إرهابيو فرنسا في المستقبل”.كيف تفسرون الخلل الأمني الكائن في الجهاز الاستخباراتي اليوم بفرنسا وماهي الحلول المقترحة من قبلكم بصفتكم أمينا وطنيا مكلفا بالأمن في حزب اليمين الفرنسي الجمهوريين؟ خلل! لا، إنه مصطلح قوي نوعا ما، ما أقوله ولا أزال أردده لكل مواطنينا بأنه فعلا يوجد خطر حقيقي يهدد فرنسا اليوم، والمفروض أن نتجاوز طرح سؤال: ماذا لو حدث هجوم أو عمل إرهابي في فرنسا؟ وإنما الأسئلة الحقيقية التي يجب أن تطرح اليوم هي: متى؟ وأين؟ فيجب الاعتراف أولا بحقيقة التهديد ومن ثمة يمكننا إيجاد أجوبة معقولة، فالتوجه ومخاطبة الفرنسيين من أجل طمأنتهم فقط، والقول بأنه سيتم مضاعفة الإجراءات الأمنية على متن كل قطار وأمام كل مدرسة وأمام كل كنيسة وأمام كل مسجد وأمام كل معبد إنه كذب، فهذا مستحيل والدولة لن تقدر على ذلك. إذن علينا التعامل مع الأمر بشكل آخر ويوجد مصلحة وحيدة قادرة على فعل ذلك تكمن في جهاز الاستعلامات، إلا أن فرنسا لها تاريخ معقد مع  هذه المصلحة، ففي غالب الأحيان نجد هناك نفاق خاصة بعد الجدل الكبير الذي عرفته سنة 2009 عندما تم نزع السجل المعلوماتي “فيشيي”،  واليوم نلقي اللوم عليه لأنه لم تكن لديه المعلومات الكافية، لذلك أنا أرفض كلمة خلل لأن مصلحة الاستعلامات الفرنسية تعتمد في عملها على ثلاثة محاور كبرى تتمثل: أولا في جمع المعلومات وهو المحور الذي تتميز فيه بالكفاءة الجيدة، وثانيا مرحلة المرور إلى الفعل وهو ما تتقن فعله بشكل جيد جدا، لكن يبقى الشق الثالث: المتمثل في تحليل هذه المعلومات المتحصل عليها، وهو الذي يضيع فيه الأعوان ويؤدي إلى نقص في وتيرة عملهم، وذلك راجع إلى رفض المشرع الفرنسي والرجل السياسي غالبا وعدم رغبته طرح المشكل وتناول الموضوع بجدية وأنا لدي ثقة كبيرة في رجال الشرطة.وماذا عن قانون الاستعلامات الجديد فهل سيكون كافيا لمطاردة شبح الإرهاب الذي أصبح يلاحق فرنسا اليوم؟ حقيقة إذا رجعنا إلى أحداث جانفي الأخيرة والجدل الذي عرفه قانون الاستعلامات الجديد، فلا يمكننا أن نعتمد خطابا مزدوجا، صحيح أن الحكومة اليوم واقعة في فخ هذا الخطاب المزدوج، فهناك أقوال رئيس الوزراء مانوال  فالس من جهة، وأفعال وزيرة العدل حافظة الأختام كريستيان توبيرا من جهة أخرى، والإرهابيون يستخدمون ذلك كنقطة ضعف وهم واعون بما يجري داخل الحكومة الفرنسية، وأنا بصفتي عمدة “أونلي سو بوا” أرفض أن يقال عن الأحياء الموجودة بالضاحية الباريسية على أنها مخابئ للإرهابيين، لكننا نعلم جيدا أن كل شبكات المتاجرة في المخدرات والأسلحة الموجودة على ترابنا لديها ثغرات كثيرة وهناك ربط كبير بينها وبين بعض الشبكات الإرهابية، وأنا أندد بخطاب الحكومة الذي يقول إنه يرغب في مكافحة الإرهاب بداية من هذه الأحياء، ولقد سبق وأن قلت إنني من حزب “الجمهوريين” لكنني جاهز للوقوف إلى جنب الحزب الاشتراكي الحاكم إذا ما تم توضيح الأمور،  ولكن ومن جهة أخرى أيضا لا يجب السماح  لوزيرة العدل أن تفعل ما تشاء حتى يصبح اليوم في فرنسا تاجر المخدرات لا يخاف، لأنه يعرف جيدا بأنه لن يعاقب. وما حدث نهاية الأسبوع بالإضافة إلى سلسلة الأحداث الأخيرة منذ شهر جانفي يدل على تنويع الأهداف من قبل المجموعات الإرهابية لحد الآن واستهداف كل النقاط الحساسة والأماكن العمومية، فهي تسعى في الأساس إلى  زرع الخوف وترهيب الناس وهنا أيضا على السياسيين الاعتراف بحقيقة الأمر وتدارك الوضع بمراعاة النزاعات الأخيرة التي وقعت وسط رجال الشرطة نتيجة إصابتهم بالإرهاق الشديد، ولا يمكننا وضع حراسة دائمة أمام كل نقطة حساسة بفرنسا، ويجب على الدولة التفكير من جديد في الحزام الأمني الموضوع بتقديم رجال الشرطة إلى الأمام، هذا هو موقفي، لذلك أنا أقيس جيدا استعمال مصطلح خلل، خاصة أن الأشخاص الحاملين لبطاقة “آس” عددهم كبير جدا بفرنسا ويستحيل مراقبة الجميع.ما هي الحلول المقترحة في نظركم التي يمكن من خلالها أن تتجنب فرنسا هجمات أخرى؟ أقترح بأنه يجب التنسيق الفعال بين أجهزة الاستعلامات مع المغرب العربي، يجب أن نذهب بعيدا في جهاز الاستخبارات فيما يخص بطاقة “آس” ويجب التوقف من اتباع سياسة التسييس، فعندما تقول الحكومة بأنه سيتم التصدي إلى ذلك بمضاعفة أعوان الشرطة، فنحن نعلم جيدا بأنه إذا تم توظيف رجال الشرطة، فإنه لن يتم ذلك قبل عامين، فعليكم أن تتخيلوا عدد الهجمات التي قد تتعرض إليها فرنسا في هذه الفترة، فيجب إيجاد حلول براغماتية وليس أفعال سياسية تسييسية من أجل غاية انتخابية فقط، وما تم اقتراحه دفع مستحقات كل الساعات الإضافية لرجال الشرطة هو الصواب، فالحلول اليوم هي الذهاب بعيدا بالجهاز الاستخباراتي فيما يخص تبادل المعلومات بالحفاظ طبعا على التفاصيل الدقيقة التي لا يمكننا الإفصاح عنها لسريتها، يجب التصنت عليها، هناك توضيحات، أخيرا مثلا شخص ذهب إلى سوريا فهل لدينا الحق في التصنت على صديقه؟ ويجب أن يكون تصنت حقيقي للموظفين بأرض الميدان، وهذا ما أدعو إليه منذ شهر جانفي الماضي تأمين وتطوير إمكانياتنا من حيث شق تحليل المعلومات وكذلك على مستوى المصلحة العمومية دفع المستحقات بالنسبة لرجال الشرطة وإذا استمر التهديد لوقت طويل، فيجب خلق ما يسمى شراكة في إنتاج الأمن  لحماية الأشخاص بالتنسيق مع شركات تعمل بعقود مبرمة جد محددة مع الدولة تلتزم بالسرية التامة.حزب الجمهوريين الذين تمثلونه اقترح وضع العائدين من سوريا والمشتبه فيهم داخل مراكز خاصة، فهل هذا مسموح من الناحية القانونية؟ تسمى مراكز ضد التطرف وهي مراكز موجودة وهنا أيضا بصفتي عمدة بمقاطعة سان سانت دوني علينا أن نخلق عملا جواريا  بالتناوب  على المستوى المحلي، وما يدهشني اليوم كعمدة بلدية أونلي سوبوا تقاعس الحكومة في التعمق في التحقيقات وسوف أعطيكم مثلا عن ذلك، كما تعرفون في قضية زوجة منفذ الاعتداء على متجر فانسان كوليبالي وأحد مرافقيها إلى الحدود التركية هو موظف عندي بالبلدية والأخوان الاثنان بلحوسين يعملان ببلدية “أونلي سو بوا “، وما يثير استغرابي في هذه القضية أن الدولة لم تتصل بي لأخذ معلومات عنهما ولم تأبه حتى إلى محيطهما أو محاولة  استقصاء بعض المعلومات عنهما، وما يخيفني ويقلقني اليوم إلى جانب العديد من النواب من الأحزاب اليسارية  أو اليمينية،  أن يتم مثل هذا الخلط داخل الأحياء، لأن النواب والمنتخبون يعرفون حق المعرفة محيط بلدياتهم أو مقاطعاتهم ويعرفون كيف يفرّقون بين الأغلبية الموجودة من مسلمي فرنسا، وأبدا لم نخلط بينهم، هناك عمل عميق حقيقي يجب فعله بشأن هذا الصدد، ربما الدولة لا تثق بشكل جيد في منتخبيها المحليين على مستوى البلديات من أجل استقصاء المعلومات، ولكن إذا أردنا العمل على المدى الطويل يجب التأكيد على مراكز ضد التطرف، كما يجب التأكيد على مسألة مهمة من واجبنا توضيحها وهي أن أغلب هؤلاء الذين توجهوا إلى سوريا هم أوروبيون اعتنقوا الإسلام عبر الأنترنيت ولم يتصلوا بأي إمام لفعل ذلك ولا يعرفون حتى الشخص الذي استدرجهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وليس بالضرورة إذا كان الأشخاص الذين يحملون ألقابا مغاربية أو عربية، فهم بصفة قطعية إرهابيو المستقبل. وأنا طرحت السؤال في أول اجتماع للحزب حول الإسلام في جلسة حزب الجمهوريين الأولى، ليس لأنني ممثل للمسلمين أو ممثل للمسيحيين واليهود وإنما قلت يجب الوقوف عند هذه المسألة،  فالمعتنق للإسلام يكتشف إسلاما عبر الأنترنيت وإسلاما باستعمال الكلاشينكوف وإشهاره  في وجه الآخر، إذن علينا في هذه الحالة دراسة الأمر مع المنتخبين المحليين أولا على أرضية الميدان من أجل مراعاة كيفية توجيه رسائل للشباب المراهق من أبناء فرنسا عبر كامل ترابها. فمثلا في مقاطعتي لديّ خمسة مساجد ومعبدين، والجميع يتعارف فيما بينه للاجتماعات المتكررة التي أنظمها للجمع بينهم وطرح أهم انشغالاتهم، واليوم هناك أقلية من المتطرفين شوّهت صورة الإسلام وأساءت إلى مسلمي فرنسا ومست سمعة المساجد وجعلت مسلمي فرنسا يتضايقون من هذه الأعمال وأظن أن مسألة محاربة التطرف اليوم هي قضية الجميع بفرنسا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات