38serv

+ -

تشهد الأسواق المركزية في قطاع غزة حالة من الركود العام في أسواق الحلال لشراء الأضحية، وتتواصل أمنيات أهالي القطاع بين الرغبة في الحصول عليها قربانا للّه عز وجل وتفريجا عن وضعهم المعيشي الصعب الذي بلغ الحضيض، ما ترك حسرة في قلوب الكثير من العوائل الفلسطينية بقطاع غزة. زارت “الخبر” الأسواق والتقت عينة من المواطنين والتجار، ولاحظت أن الكثير من الفلسطينيين في قطاع غزة يشكون عدم قدرتهم على شراء الأضاحي لهذا العام بسبب ارتفاع أسعارها التي لم تصل إلى هذا الحد في أعوام سابقة، في وقت يشهد سوق الأضاحي في القطاع قلة في العرض نظرا لارتفاع سعرها عالميا من ناحية ولعدم سماح الاحتلال بإدخال الكمية اللازمة من المواشي لموسم العيد، وأولا وأخيرا لقصر ذات اليد.علاء محمد، الذي يعمل في محل تجاري، يعبر عن انزعاجه من غلاء الأضاحي، ويقول بنبرة محزنة: “الناس تعاني الويلات جراء الحصار، وغلاء الأضاحي سيحرم الكثير من الفقراء من لحومها التي اعتادوا عليها كل عام”، ويضيف: “للأسف لا أستطيع أن أضحي، وضعي صعب ولا عمل لي. قبل سنوات الحصار اعتدت أن أضحي وأقوم بتوزيع أضحيتي بنفسي على الفقراء والمساكين ليبارك اللّه في رزقي ومالي، ولكن اليوم لا لي ولا لأحباب قلبي”، وهذا مثل فلسطينيي يعبر به أهالي القطاع.وإلى جنوب قطاع غزة، يقول تجار المواشي إنهم يقفون حائرين بين الأسعار المرتفعة أصلا من الشركات الإسرائيلية، وبين أمنيات المواطنين بتخفيض الأسعار والحصول عليها. وعاد المواطن محمد أحمد من سكان وسط قطاع غزة إلى منزله خاوي الوفاض من سوق الأضاحي، دون أن يتمكن من شراء أضحية العيد هذا العام.ويرجع تجار ومتسوقون حالة الركود وضعف حركة الشراء إلى المدة الزمنية القصيرة بين العيدين، والتي يكون فيها المتسوقون قد اكتفوا بملابس عيد الفطر، وكذلك تفضيل معظم الناس توفير أموال الملابس وتقديمها على الأضحية، فضلاً عن الظروف الاقتصادية الصعبة ونسبة البطالة المرتفعة بين الشباب. ويقول أحد المواطنين لـ«الخبر” إن: “الفترة بين عيد الفطر والأضحى قصيرة لا تزيد عن 70 يومًا، ومن غير المقبول والمعقول شراء الكسوة للأبناء من جديد، في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وتدني الرواتب مقارنة مع غلاء المعيشة، لذا فيستعين الأبناء بملابس عيد الفطر برضا ودون أي اعتراض”.رب الأسرة عبد الكريم حمدان، وهو من محدودي الدخل، يؤكد على أنه متعود منذ سنوات على عدم شراء أي ملابس لأبنائه الخمسة خلال عيد الأضحى المبارك، متسائلا: “كيف أضحي وأنا لا أملك شيڤلا واحد في جيبي؟”. ويؤكد الموظف الحكومي محمد حنيدق أنه في هذا العام لن يتمكن من الأضحية خلال عيد الأضحى المبارك أو شراء الملابس لأبنائه، وذلك بسبب عدم تمكنه من الحصول على كامل راتبه.بدوره، يرجع الخبير الاقتصادي الدكتور معين رجب حالة الركود العام التي تشهدها أسواق غزة إلى الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها قطاع غزة وما صاحبها لإغلاق الأنفاق والمعابر، وكذلك عدم سداد حكومة التوافق لرواتب موظفي غزة، وهو ما أثر على حركة المعاملات والشراء في الأسواق. ويقول رجب لـ«الخبر”: “في الأوضاع الطبيعية من المفترض أن تنشط حركة الشراء والبيع خلال الأعياد والمناسبات من قبل المواطنين لتوفير احتياجاتهم، ولكن في موسم عيد الأضحى تتزامن الأضحية والهدايا المقدمة للأرحام، لذلك فيعمل المواطن على الوفاء بالأهم بالنسبة له وحسب إمكانياته”. ويوضح محدثنا أن “حركة النشاط مرهونة أيضا بما يتوفر لدى المواطنين من أموال كافية لشراء ما يحتاجونه وما يرغب فيه أبناؤهم. ولكن عند المرور بالأزمات الاقتصادية والمادية فيقتصر الأمر على الضروري جدًا”.وتشكل الأضحية بالنسبة لغالبية العائلات في قطاع غزة المحاصر عبئاً مالياً لا يستهان به، وكثير منها تستعيض عن لحوم المواشي بالدواجن لتوفير وجبة العيد لأفراد الأسرة.عجل بـ5 آلاف دولاروتقدر احتياجات قطاع غزة في موسم عيد الأضحى من 10 آلاف إلى 12 ألف رأس من العجول والأبقار، ونحو 30 ألف رأس من الأغنام وفق إحصائية أصدرتها وزارة الزراعة مطلع هذا الشهر.وعلى مقربة من سوق الحلال يتجول المواطن كمال الخطيب في سوق المواشي ويجر بيديه ولديه اللذين كان يلحان عليه لشراء خروف العيد. وقال الرجل وهو في نهاية الثلاثينيات من العمر: “متطلبات الحياة كثيرة، والأضحية تساوي قيمة الراتب، ويبدو أن صرفه بعيد المنال هذا الشهر”. أما المواطن خليل أبو عجوة فأشار إلى أنه اضطر مع شركائه لشراء عجل بمبلغ تزيد قيمته على خمسة آلاف دولار، وأوضح أنه انتظر أكثر من أسبوعين لعل الأسعار تنخفض، لكنه أجبر على الشراء بهذا السعر المرتفع في نهاية الأمر، حيث يصل سعر الكيلوغرام إلى 21.5 شيڤل أي بزيادة تصل من 2 إلى 3.5 شيڤل في الكيلوغرام الواحد فيما يخص العجول. ويشدد خليل على أن ظروفه الاقتصادية في السنوات الماضية حالت دون تمكنه من شراء الأضحية، لكن هذا العام، ونزولا عند رغبة أبنائه، حاول الدخول في حصة بعجل بالشراكة مع ستة أفراد آخرين، حيث بلغت حصة كل منهم 2300 شيڤل، بعد أن أقنع تاجر الأضاحي بتقسيطها عليه لعدة أشهر. ويقول الخبير الاقتصادي سمير حمتو، في تصريح لـ«الخبر”: “إن تطلعات سكان القطاع لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بما يسمح لهم بشراء الأضاحي والاحتفال الحقيقي بعيد الأضحى ما تزال بعيدة المنال”. وأضاف “الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة المحاصر منذ سبع سنوات واستمرار الظروف ذاتها ألقى بظلاله السلبية على إقبال المواطنين على شراء لحوم الأضاحي هذا العام”. وتابع: “أن قطاع الموظفين الحكوميين، والذي يمثل شريحة كبيرة من المجتمع، لا يزال عاجزاً عن شراء أضحية لهذا العام”.ويشير أشرف حامد إلى أنه أحياناً يقوم بالاشتراك في الأضحية مع الجيران والأصحاب، قائلا: “الوضع الاقتصادي الصعب في غزة وقلة العمل بفعل الحصار وإغلاق المعابر حرمني وحرم كثيراً من أرباب الأسر من أن يضحوا هذا العام، آملين أن تتحسن الأوضاع ويستطيعوا إدخال الفرحة على أبنائهم”.حركة شرائية ضعيفةمن جانبه، أكد تاجر المواشي سعيد جزرية أن حركة شراء الأضاحي هذا العام تبدو الأضعف منذ سنوات، خاصة أن عيد الأضحى لم يبق عليه الكثير ومازالت الأغنام والأبقار في حظائرها دون أن تجد طريقها للبيع، لافتا إلى أنه في مثل هذا الوقت يفترض أن يكون قد باع 60 إلى 70 بالمائة مما لديه من عجول، إلا أنه حتى اليوم لم يبع أكثر من 30 بالمائة فقط بسبب ضعف إقبال المواطنين على الشراء. ويوضح التاجر أن السبب يعود إلى تأخر صرف الرواتب من ناحية وإلى ارتفاع أسعار العجول من ناحية أخرى. ويبين أن التاجر يدفع يوميا مبالغ كبيرة لإطعام العجول التي تبقى في مزرعته حتى يوم العيد، وهذا لا يدخل بالحسبان عند تقييم أسعار العجول.ويطل عيد الأضحى المبارك على موظفي غزة دون صرف رواتبهم، ويعيش هؤلاء الموظفون حالة من القلق بعد تفاقم معاناتهم المعيشية الصعبة، ويتساءلون في أحاديث منفصلة لـ«الخبر” عن عدم إدراك الحكومة لأوضاعهم الصعبة وتفاقمها، خاصة مع حلول عيد الأضحى المبارك، مشددين على ضرورة حل أزمتهم في القريب العاجل وانتظام الرواتب.رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطينية صلاح هنية لـ”الخبر”“التاجر الإسرائيلي يتحكم في أسعار المواشي”هل أمّنتم احتياجات السوق المحلية الفلسطينية من الأضاحي؟ لم نؤمّن الأضاحي بالشكل المطلوب لعدة أسباب: غلاؤها وحالة الركود، والوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب، والآن دخلنا مرحلة الثمن الحرج في أسعار اللحوم ونسابق الزمن، وبقي أمامنا حوالي 20 يوما لعيد الأضحى المبارك والمرحلة الحرجة إذا كان يتم استيرادها من الخارج كان المفروض أن يتم أبكر من هذا الوقت، والآن الاستيراد سوف يأخذ فترة زمنية طويلة وتصل الأضاحي بعد عيد الأضحى المبارك.ما سبب قلة الأضاحي في السوق الفلسطينية وغلائها؟ نحن اليوم في فلسطين في سباق مع الزمن؛ قلة في العرض في عدد من الخراف والعجول الموجودة في السوق الفلسطيني، والموجود بكمية كبيرة هو في السوق الإسرائيلية، وبدأ التاجر الاسرائيلي يتحكم في السعر ويرفعه كما يشاء، ووصل سعر الكيلوغرام من لحم الخروف إلى 36 شيڤلا في السوق الإسرائيلية ووصل سعر الكيلوغرام من لحم العجل إلى 26 شيڤلا، ما يقارب 450 دينار أردني. وبعد العيد أعتقد أن تكون اسعارها أغلى. فعملية الاستيراد الآن أصبحت غير مؤثرة على السعر، لأن الحديث كان خلال شهر رمضان وما قبله، والدول العربية كلها أمّنت احتياجاتها من الأضاحي منذ شهر أفريل.إلى أي مدى أثّرت الإجراءات الإسرائيلية على الثروة الحيوانية؟  للأسف، الإجراءات الاحتلالية الإسرائيلية ضد مربي الثروة الحيوانية وترحيلهم المستمر والإجراءات القاسية ضدهم جعلت هناك ضعفا في التربية الحيوانية في فلسطين، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، بالإضافة إلى أن تكلفة تربية المواشي والأعلاف مرتفعة جدا بسبب الحصار وعوامل أخرى.من يتحمّل مسؤولية التأخير في الاستيراد والاستيقاظ في اللحظات الاخيرة؟ واجهنا مشكلة ما قبل شهر رمضان حينما قررنا استيراد عجول لتخفيف السعر في السوق، لكن للأسف الشديد الكميات المتاحة قليلة جدا، وصارت عندنا صعوبة في الوقت. الوقت متأخر كثيرا، ونحتاج إلى منطقة حجر صحي وتسهيل في حركة الاستيراد من المعابر. الآن نحن في الأيام الضائعة في موسم الأضاحي، ماذا أنتم فاعلون؟ خاطبنا الجميع، نحن في مرحلة قلة في العرض، هناك اقتراح في اللحظات الأخيرة وهو دراسة إمكانية الاستيراد من الأردن. ربما سيتم استيراد خراف فقط من الأردن لأنها استوردت حاجتها من المواشي ومحفوظة صحية ومطعمة، وممكن أن يعطى للتجار تصاريح خلال أسبوع من الزمن للتجار الذين لديهم إمكانية ان يستوردوا من الأردن لإنفاذ السعر في أقل معدلاته.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات