38serv
بدا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية عبد الاله بن كيران، مزهوا وهو يعلق للصحفيين في مقر الحزب، عن النتائج التي أفرزتها انتخابات المجالس البلدية والجهوية التي جرت الجمعة، قائلا إن ”الشعب المغربي رد لنا التحية بأحسن منها والمغاربة أعجبهم حزب العدالة والتنمية فمنحوه أصواتهم بكل ثقة”. حتى منتصف نهار أمس السبت، كانت قاعة العمليات الانتخابية في مقر حزب العدالة والتنمية تعجّ بالمتطوعين الذين يراقبون كل التفاصيل القادمة من المكاتب المحلية للحزب، في تلك الأثناء كان الأمين العام للحزب بن كيران مجتمعا بأركان قيادة حزبه، لتحليل نتائج الانتخابات التي وضعت الحزب أولا على صعيد انتخابات المجالس الجهوية، حيث حصد 174 مقعد (25,66 بالمائة)، متبوعا بخصمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة بـ132 مقعد (19,47) ثم حزب الاستقلال بـ119 مقعد (17,55)، متبوعا بحزب التجمع الوطني للأحرار الذي حصل على 90 مقعدا (13,27 بالمائة)، وحزب الحركة الشعبية على 58 مقعدا (8,55 بالمائة)، فيما حصل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 48 مقعدا (7,08 بالمائة)، وحزب الاتحاد الدستوري على 27 مقعدا (3,98 بالمائة)، وحزب التقدم والاشتراكية على 23 مقعدا (3,39 بالمائة). وتشكل هذه المقاعد مجلس المستشارين، الذي يتولى الرقابة على عمل الحكومة، ويكون حزب العدالة والتنمية قد أحكم قبضته على البرلمان بغرفتيه بعد فوزه بالانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2012. وشكك الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض، حميد شباط في هذه النتائج، وقال إن الحزب الحاكم ”العدالة والتنمية” استعمل وسائل الدولة في الدعاية الانتخابية، خاصة وأنه كان وعد بتقديم استقالته من الحزب الذي يقوده منذ أكثر من عقد في حال خسر الانتخابات. وفي انتخابات المجالس البلدية، فاز حزب ”الأصالة والمعاصرة” وحقق تقدما طفيفا على أبرز منافسيه حزب العدالة والتنمية، وكشفت النتائج التي أعلن عنها وزير الداخلية المغربي محمد حصاد فوز الأصالة والمعاصرة بحصوله على 6655 مقعد (بنسبة 21,12 بالمائة)، متبوعا بحزب الاستقلال الذي حصل على 5106 مقعد (16,22 بالمائة)، فيما حل حزب العدالة والتنمية ثالثا بـ5021 مقعد، أي بنسبة 15,94 بالمائة، يليه حزب التجمع الوطني للأحرار رابعا بعد حصوله على 13,99 بالمائة، والحركة الشعبية على 9,54 بالمائة)، وحصل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خامسا على 8,43 بالمائة، ثم حزب التقدم والاشتراكية على 5,61 بالمائة، ثم الاتحاد الدستوري على 4,73 بالمائة. قراءة في الأرقام تؤكد أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم نجح في تحقيق اختراق انتخابي جدي، فقد حقق تقدما بنسبة 12 بالمائة مقارنة مع النتائج التي حققها في محليات 2009، والتي حصل فيها على 5 بالمائة فقط، في مقابل تراجع حصاد غريمه الأصالة والمعاصرة مقارنة بانتخابات 2009 أيضا، كما أمسك العدالة والتنمية بزمام الأمور في المدن والحواضر الكبرى في المغرب ذات التأثير السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فقد افتك من اليسار العاصمة السياسية للمملكة ”الرباط”، وافتك مدينة فاس من حزب الاستقلال التاريخي الذي تعد المدينة معقله، كما نجح في الفوز بإدارة مدينة الدار البيضاء التي تعدّ العاصمة الاقتصادية للمغرب في مقابل خسارته لقرى الريف والبلدات النائية التي يسهل التلاعب الانتخابي فيها بالمال. ويعتقد مراقبون أن الحزب الحاكم حصد ثمار بعض إنجازاته الاجتماعية والاقتصادية التي حققتها حكومته منذ عام 2012، إضافة إلى أن الحزب نجح في تفكيك الماكينة الإدارية التي كانت تستحكم في العملية الإنتخابية، وكانت تستند إليها الأحزاب التاريخية في المغرب، ومن شأن هذه النتائج والمعطيات أن تلعب دورا مؤثرا في الانتخابات التشريعية التي ستجري العام القادم، وكانت انتخابات المجالس البلدية والجهوية قد جرت أول أمس الجمعة، في المغرب وبلغت نسبة التصويت في الانتخابات 53,67 بالمائة.المحلل السياسي عبد المنعم القزان لـ”الخبر””الإسلاميون اخترقوا معاقل منافسيهم في المدن الكبرى”كيف يمكن تحليل نتائج الانتخابات البلدية والجهوية الأخيره في المغرب؟ شخصيا أعتبر حزب العدالة والتنمية هو الفائز على اعتبار أنه اكتسح المدن وأسقط مجموعة من الأحزاب في أغلب المدن، خصوصا مدينة فاس باعتبارها قلعة ”حزب الاستقلال”، والرباط باعتبارها قلعة ”اليسار” المغربي إضافة الى الدار البيضاء وأغادير وطنجة. كما أن الأحزاب السياسية الفائزة في القرى لا يصوّت الناخبون فيها على الحزب السياسي بقدر ما يصوّتون على طبقة الأعيان الذين لا يؤثر تغيّر الحزب السياسي على عدد أصواتهم، إذ يعتمدون على القبيلة وعلاقات المصاهرة، التي لا علاقة لها بالميول المرجعي. عامل آخر يرتبط بكون تصويت المواطنين في المدن غالبا ما يكون نتيجة تأثير الفئة المتوسطة، كما أن الأصوات تكون مشتتة ولا يمكن التحكم فيها، إذا عمليا العدالة والتنمية باستحضار هذه الأمور هو الحزب الفائز.ما أسباب تراجع الأحزاب التاريخية الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في الاستحقاقات الأخيرة مقابل تقدم أحزاب كالعدالة والتنمية؟ أولا: يمكن أن نقسم الأحزاب الكلاسيكية إلى قسمين: قسم مشارك (في الحكومة) وممثل في حزب يساري حزب التقدم والاشتراكية.ثانيا: أحزاب في المعارضة ويمثلها حزب الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، فإذا كان كل من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي قد تأثرا نتيجة استهلاك خطابهما التاريخي من جهة وسبقهما لتولي الحكومة وإن كان العديد يرفض الربط بين الانتخابات التشريعية والجماعية، نعتبر أن صراع أمناء الأحزاب وقدرة بن كيران على لعب دور الضحية واستغلال مجموعة الأحداث الإقليمية من جهة ومصر مثلا أو محلية كحادثة الوزير السابق بها أو النائب الاتحادي أحمد الزايدي، وانسحاب حزب الاستقلال من التدبير الحكومي ساهم في الزيادة من شعبيته، كما أن الكتلة التنظيمية لحزب العدالة والتنمية بقيت ثابتة، إضافة إلى اعتماد طريقة التواصل الكلاسيكي أو ما يسمى التجمعات المنزلة بدل الدعاية الإعلامية التي تعتمد الوسائط والتي تكون أكثر نجاعة، إضافة إلى استعمال الخطاب السياسي الشعبي الديني، بالإضافة إلى تيار حركة التوحيد والإصلاح.ثالثا: انشقاق الاتحاد الاشتراكي من خلال تيار البديل الديمقراطي الذي ترشّح إما بلوائح مستقلة أو العزوف أو مساندة فدرالية اليسار، إضافة إلى الخطاب التاريخي المستهلك دون القدرة على بناء خطاب سياسي مواكب جديد واعتماد خطاب رد الفعل في علاقته بالمعارضة، وهو نفس الشيء الذي ينبني عليه خطاب الاستقلال.هل ستؤثر هذه النتائج على الاستحقاقات السياسية المقبلة؟ طبعا ستؤثر على الانتخابات التشريعية، لأن الإنتخابات المحلية تساهم في كسب شعبية القرب التي تسمح بالتأثير على أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات