38serv
تقر السلطات المركزية، من خلال تصريحاتها المتعددة في الأمكنة والمناسبات، أن الجلفة ولاية إستراتيجية، ومن بين أهم الولايات التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي، كونها تتصدر ولايات الوطن في إنتاج اللحوم الحمراء. كل هذه التصريحات حملت تأكيد السلطات أنها ستعمل جاهدة على دعم فئة الموّالين لتوسيع دائرة النشاط، إلا أن الواقع عكس ذلك تماما.”الخروف” أضمن من البترول ومن الغاز الصخري من بين مسلسلات التذمر والاستياء التي لم تفارق نشاط الموّالين بولاية الجلفة ندرة الأعلاف، حيث يرغم مئات الموالين ومربي الماشية أن يعيشوه يوميا وتحول إلى كابوس حقيقي يكاد يوصلهم إلى درجة الإحباط وتطليق المهنة. وقد أكد الموالون الذين التقت بهم “الخبر” أن السلطات العليا في البلاد، بداية من رئيس الجمهورية، الذي أكد في رسالة قرأها أحد مستشاريه، حمى العقبي، خلال اعتماد فيدرالية الموّالين سنة 2009 أنه “سيعمل جاهدا على ترقية النشاط”، و«أنه سيدعم كل شروط النهوض بفئة الموّالين من أجل تقديم إنتاج يسمح لنا بتوفير اللحوم وتصديرها إلى الخارج”، إلا أن أغلب الموّالين يرون أن وضعيتهم لم تتغير بعد هذا الالتزام وأنهم لازالوا يصارعون “غول” السوق السوداء التي لجأوا إليها مرغمين بسبب الجفاف الذي لازم الولاية لسنوات طويلة، إضافة إلى غلاء كراء المراعي بولايات تيارت ومعسكر وغليزان وسعيدة وبشار، وهذا ما أرهقهم، خاصة أعباء نقل ماشيتهم التي تعد بالآلاف، مضيفين أنه إذا كان البترول ذهبا أسودا فـ«الخروف” هو الذهب الأبيض وأن نتائج نجاحه مضمونة وأنجح من الغاز الصخري، لكن للأسف هناك إهمال صريح لهذه الثروة.وتساءل أحد مربي الماشية، “مصطفى. ش«: “كيف يمكن أن نوفر للمواطنين لحوما أو ماشية للأضحية بسعر مقبول وفق إمكانيات المواطن الجزائري ونحن نشتري الأعلاف من السوق السوداء وبأثمان خيالية؟ هذه الأسعار التي ترفع من ثمن الخروف”، مضيفا أن هناك العشرات من الموّالين الكبار الذين تتجاوز ثروتهم الآلاف من الرؤوس اضطروا إلى كراء مراعي بولايات أخرى وبأثمان خيالية، بعد أن يئسوا من الحصول على الأعلاف هنا بسبب الحصة القليلة التي تمنح لولاية الجلفة”.السفير الأمريكي السابق ينبهر بالثروة و«الأميار” أهملوا المراعيقال عضو بالمجلس الشعبي الولائي إن تربية الماشية هي الاستثمار الحقيقي مضمون النتائج، إلا أن حقيقة ما يعيشه الموالون من مشاكل تحول دون ذلك، متسائلا في الوقت ذاته عن سلبية بعض “الأميار” في التعامل مع ملف المحيطات التي هي من اختصاصهم عن طريق التداول، ولماذا لا يقوم “الأميار” بإنشاء محميات للرعي خاصة بالبلديات ذات المساحة الشاسعة، مضيفا أنه تم حتى إهمال بعض المحيطات التي جهزتها محافظة السهوب بالآبار، إلا أن كل المولدات الكهربائية تم سرقتها بعد إهمالها من قِبل البلديات، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة عدم السير في إضعاف محافظة السهوب التي تعتبر شريكا أساسيا في تفعيل نشاط الرعي وتربية الماشية، وأنه لا يعقل أن مؤسسة كانت تشتغل بـ19 ألف عامل تبقى بـ7 آلاف. وأضاف المنتخب ذاته أن الموّالين يعانون من نقص حاد في الدواء لتلقيح ماشيتهم، ويعانون أيضا من غياب تنظيم يدافع عنهم ويرفع انشغالاتهم إلى السلطات، خاصة أن أغلب الموّالين مرتبطون بماشيتهم ولا يجدون الوقت للذهاب إلى المكاتب والإدارات، مضيفا أن السلطات العليا وفي ظل سياسة التقشف وشد الحزام عليها أن تتحرك لإيجاد مخطط وبرنامج خاص للتكفل وتشجيع هذه الفئة وفي القريب العاجل قبل أن تحدث الكارثة وينتهي هذا النشاط. وأكد رئيس لجنة الفلاحة أن السفير الأمريكي السابق، خلال زيارته للجلفة في 2013، وفي لقائه مع الوالي السابق وبعض المنتخبين، قال لنا إن “هذه الثروة هي المستقبل بالنسبة لكم ولابد عليكم التفكير في تطويرها لأنها ثروة متجددة لا تنضب”.كل السلطات تعهدت ولا شيء تحققتعهد كل وزراء الفلاحة الذين زاروا الولاية وصرحوا في لقاءاتهم مع الموّالين في مختلف بلديات الجلفة وعين وسارة والبيرين ومسعد وعين الإبل وتعظميت وحد الصحاري وغيرها أنهم سيعملون على إيجاد حلول عاجلة لحل أزمتهم وإنهاء مشكل الأعلاف، كما تعهد رئيس الجمهورية بذلك، وبضرورة تجنيد وسائل وإمكانيات الدولة لأجل ذلك، إلا أنه لا شيء تغير ولا زال الموّالون كل سنة يرفعون مطالبهم بضرورة توفير الأعلاف التي قالوا إنها أثقلت كواهلهم، فالشعير الأمريكي تجاوز 3000 دج للقنطار وهو غير متوفر، والنخالة 2600 دج للقنطار، والذرى (البشطوط) بـ650 دج للقنطار، مضيفين أن “علاج الماشية وحمايتها من الجذري والأمراض الأخرى هو الآخر عبء تخلت فيه السلطات عنا وأرغمنا على شراء الدواء بأسعار تراوحت ما بين 400 دج إلى 1200 دج للقارورة إضافة إلى حقوق الحقنة بـ20 دج للرأس للبيطري”، مع العلم أن البيطري يستلم مستحقاته من الدولة، متسائلين في الوقت ذاته عن “إهمال السلطات الولائية والسلطات المركزية في توفير شروط تسويق الماشية، فكل الأسواق بالجلفة، خاصة الكبرى بالجلفة وحاسي بحبح والبيرين ومسعد وعين الرومية، والتي يخرج منها ما يقارب المليون رأس أسبوعيا إلى مختلف جهات الوطن، غير مهيأة وغير صالحة تماما، حيث تنعدم بها كل الشروط، فلا دورات للمياه ولا أماكن لتوقيف الشاحنات، إضافة إلى غياب الأمن، الذي قالوا إنه منعدم تماما، وقد شهدت الأسواق الكثير من المشاكل والمشادات التي وصلت إلى “الموت”.الرعاة.. عملة نادرة جداويطالب الموّالون، في الوقت ذاته، السلطات المركزية بضرورة إنشاء سوق وطنية للماشية وبمواصفات عصرية تكون مرافقة للمذبح الجهوي الذي تم إنجازه في 2013 ولا زال لم يبدأ في النشاط، بعد أن اكتشفت السلطات العليا أنه لا يمكن تسييره إلا بشراكة أجنبية، ويرون أنه على السلطات التفكير في إيجاد طريقة لتكوين “الرعاة” عبر مراكز التكوين أو على مستوى المعهد الفلاحي، قائلين: “إننا نعاني من إيجاد رعاة لماشيتنا، رغم أن الأجرة الشهرية تجاوزت الـ5ملايين سنتيم مع امتيازات أخرى نوفرها”.من جهته، أكد مدير تعاونية الحبوب والخضر الجافة “أن النصوص المنظمة لدعم الموّالين تلزمنا بالتكفل “بالنعجة المنتجة”، وبحصة تقدر بـ10 كلغ للرأس في الشهر، ويكون ذلك بالتنسيق مع الغرفة الفلاحية التي تزودنا بالملفات وبالقوائم التي تشمل 12 دائرة التابعة لولاية الجلفة”، قائلا “إننا لا ندعم الماشية من أجل التسمين، وأن ما توزعه التعاونية يصل إلى 600 ألف قنطار سنويا لتغطية ما يفوق المليون و500 ألف رأس من أصل 5 ملايين رأس غنم، بمعدل 4 آلاف قنطار يوميا، كما نقوم أيضا بمنح وحدة تغذية الأنعام حصة مقدرة بـ4 آلاف قنطار شهريا من أجل تصنيع الأغذية الخاصة للماشية (علف مركّب)”.وكشف المصدر ذاته أن دائرة عين الإبل تعتبر أكثر الدوائر التي تستفيد من الأعلاف كون 30 بالمائة من الماشية تتمركز في هذه الدائرة، مؤكدا أن مركز التخزين بحاسي بحبح سيكون حلا وسيقلل الكثير من المتاعب للموّالين بالجهة الشمالية.فيدرالية الموّالين تطالب بسحب تسيير المحميات من “الأميار”قال جغدالي عبد القادر، عضو الفيدرالية الوطنية للموّالين، إن السلطات لابد لها أن تنزع تسيير المحميات من “الأميار” وأن تفكر في فائدة الموّال وقيمة ما ينتجه، مؤكدا، في تصريح لـ«الخبر”، أن المحميات تحولت في أيدي “الأميار” إلى ورقة سياسية يستعملونها في الانتخابات وكأنها ملكية شخصية، والدليل ما يحدث في أغلب الأراضي التابعة للبلديات التي رغم شساعتها وأهميتها لا زالت مهملة، مؤكدا على ضرورة عقد لقاء بين وزيري الداخلية والفلاحة من أجل إنهاء هذا المشكل.وكشف جغدالي أن الفيدرالية قدمت تقريرا يوم 16 أوت لوزير الفلاحة تضمن كل المشاكل والعراقيل التي تعيق الموّالين في مختلف جهات الوطن، وتساءل: “كيف أن فرنسا خلال احتلالها للجزائر سنّت قانونا سنة 1928 يقضي بمنح الموّالين في الجلفة والأغواط الأراضي في 15 من شهر جويلية من أجل الرعي ونحرم منها في كنف الاستقلال؟”.بالمقابل، وفي اتصال هاتفي بـ«الخبر”، قال رئيس لجنة الفلاحة بالمجلس الشعبي الوطني إن مشاكل الموّالين حقيقية وأن مشكلة الأعلاف تعتبر هاجسا حقيقيا يؤرق جميع الأطرف، مضيفا أنه التقى بالمدير العام لديوان الحبوب والبقول الجافة، وأكد لنا أن المخزون الموجود يغطي مدة 6 أشهر قادمة، وأن الدولة حملت على عاتقها دعم الأعلاف، فهي تشتري قنطار الشعير بـ3000 دج وتبيعه للموّال بـ1550 دج، مضيفا أن اللحوم الجزائرية تعتبر من أجود الأنواع في العالم وأنه يجب على المستثمرين أن يبادروا من أجل إنجاز وتنفيذ مشاريع في هذا القطاع، ولابد على الدولة أن تمد يدها للحفاظ على هذه الثروة الحيوانية المهمة، والتي تمثل موردا ماليا مهما وخيارا اقتصاديا ناجحا، لكن لابد على الموّالين أن يجدوا تنظيما قويا يدافع عنهم ولابد من الانخراط بالفيدرالية ويؤطروا أنفسهم. وعن أسباب عدم تعديل قانون الرعي الذي لم يطرأ عليه أي تعديل منذ سنة 1975 قال النائب نفسه: “سنقدم مقترحا للحكومة يكون مسايرا للفترة التي نعيشها ويكون في صالح الموّال والمصلحة العامة”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات