38serv
”الاستقرار أولا”، هو الشعار الجديد لحزب العدالة والتنمية التركي الذي رفعه في مؤتمره الذي عقده أمس، مما يعكس أن الحزب الحاكم الذي أسّسه رجب طيب أردوغان ينوي تغيير سياسته الانتخابية في المرحلة المقبلة، فبعد مقتل نحو 111 من رجال الجيش والأمن التركيين، لم تعد التنمية والازدهار اللذين حققهما حزب العدالة والتنمية خلال 13 سنة من حكمه لتركيا الورقة الرابحة في انتخابات الإعادة للتشريعيات المقررة في الأول من نوفمبر المقبل، بل صار ”الأمن والاستقرار” الرهان الحقيقي بالنسبة للحزب الذي أسّسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 2002.
لم يعد الصراع السياسي والإيديولوجي مع حزب الشعب الجمهوري (اليساري) أو حزب الحركة القومية (اليميني) أو حتى مع ”العدو الحميم” المتمثل في جماعة كولن (الإسلامية) ذو أهمية كبيرة أمام التهديد الذي أصبحت تمثله الكتلة الكردية اليسارية المعارضة بجناحيها السياسي والعسكري، ولحد الآن تمكّن الجناح السياسي للأكراد ممثلا في حزب الشعوب الديمقراطي الذي لم يتمكن فقط من إجهاض حلم أردوغان في تغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي، بل حرم حزب العدالة والتنمية لأول مرة من تشكيل الحكومة منفردا، بالرغم من أنه حصل على أزيد من 401 بالمائة من الأصوات، في حين أنه تمكّن من تشكيل الحكومة منفردا في 2002 مع أنه حصل على نسبة أقل، وهذا لسبب بسيط تمثّل في تعديل قانون الانتخابات، حيث قام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم بتقليص عتبة دخول البرلمان من 15 بالمائة إلى 10 بالمائة، وبما أن حزب الشعوب والديمقراطية الكردي حصل على قرابة 13 بالمائة فقد تمكّن لأول مرة في تاريخ أكراد تركيا من دخول البرلمان ككتلة حزبية بعدما كان الأكراد يشاركون كنواب مستقلين بنسبة لا تتجاوز 6 بالمائة فقط.ديمرطاش.. شاب كردي يحاول انتزاع الزعامة من أوجلانوكان حزب العدالة والتنمية ينتظر من الأكراد أن يكافئوه ولو بالمشاركة في الحكومة الائتلافية وأقصى ما كان منتظرا من حزب الشعوب الديمقراطي دعم الحزب الحاكم في تغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي، خاصة وأن عبد الله أوجلان الزعيم الروحي للأكراد أكد دعمه لهذا الخيار حسب المحاضر التي نشرتها جريدة ”مليت” التركية في 28 فيفري 2013 عن اللقاء الذي جمع أوجلان المسجون في جزيرة ”إيمارلي” بوفد عن حزب السلام والديمقراطية (حزب الشعوب الديمقراطي حاليا)، حيث أكد أوجلان أن ثمن حريته سيكون دعمه للنظام الرئاسي وقال ”من الممكن أن نُعمِل الفكر في النظام الرئاسي ونتبناه. فنحن نقدّم دعمنا لرئاسة السيد رجب طيب أردوغان، لذلك يمكننا الاتفاق مع حزب العدالة والتنمية على أساس هذا النظام الرئاسي”.غير أن صلاح الدين ديمرطاش الزعيم الكردي الصاعد ورئيس حزب الشعوب الديمقراطي الذي كان أول مرشح كردي يترشح لرئاسيات تركيا في 2014 لم يأخذ بعين الاعتبار توصيات الزعيم التاريخي لأكراد تركيا، وفضل أن يرسم طريقا آخر للأكراد، حيث رشح أفرادا من الطائفة العلوية المرتبطة تاريخيا بسوريا وبنظام الأسد المناوئ لحكومة حزب العدالة والتنمية، بهدف استمالة الطائفة الكردية التي تمثل نحو 5 بالمائة من سكان تركيا، مقارنة بنحو 17 بالمائة من الأكراد معظمهم منتشرون في 21 ولاية تركية في جنوب شرق البلاد (من أصل 81 ولاية)، منهم 4 ملايين نسمة يقيمون في اسطنبول (من أصل 12 مليون نسمة). واستطاع صلاح الدين ديمرطاش مضاعفة عدد المصوّتين لحزبه من 2 مليون صوت في الانتخابات البلدية التي جرت في مارس 2014 إلى 4 ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 10 أوت 2014، ليرتفع في الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2015 إلى 6 ملايين صوت، أن عدد المصوتين لحزب الشعوب الديمقراطي تضاعف خلال 15 شهر مرتين بزيادة 4 ملايين صوت خلال فترة قصيرة جدا، في الوقت نفسه تراجع حزب العدالة والتنمية من 20 مليون صوت خلال الرئاسيات إلى قرابة 19 مليون صوت بمعنى أنه خسر أكثر من مليون صوت قد يكون معظمها توجّه إلى حزب الشعوب الديمقراطي الذي لديه حاضنة شعبية تقدّر بنحو 15 مليون كردي منهم نحو 8 ملايين يحق لهم التصويت، لكن يوجد بين الأكراد كتلة إسلامية أو محافظة ترفض منح أصواتها لحزب الشعوب الديمقراطي بسبب أفكاره اليسارية، وعادة ما تمتنع عن التصويت أو تمنح أصواتها لحزب العدالة والتنمية الذي تمكن في الانتخابات البلدية التي غطتها ”الخبر” في مارس 2014 من اختراق معاقل حزب العمال الكردستاني حتى في الولايات ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق تركيا وفاز في بعضها وحل ثانيا في معظمها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات