38serv
فلمّا جاءه جاء غلامًا ممتازًا يَشهد له ربّه بأنه حليم، وها هو ذا يكاد يأنس ربّه وصباه يتفتّح ويبلغ معه السّعي ويُرافقه في الحياة حتّى يرى في منامه أنّه يذبحه، ويدرك أنّها إشارة من ربّه بالتّضحية.. ولكنّه لا يتردّد ولا يخالجه إلاّ شعور الطّاعة ولا يخطر له إلاّ خاطر التّسليم.. قال تعالى في نفس السورة: {قَالَ يَا بُنَيَ إِنِّيَ أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّيَ أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَر سَتَجِدُنِيَ إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إبْرَاهِيمَ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيم كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} الصّافات:102-111.لقد أسلمَا.. فهذا هو الإسلام في حقيقته، ثقة وطاعة وطمأنينة ورضى وتسليم وتنفيذ، وكلاهما لا يجد في نفسه إلاّ هذه المشاعر الّتي لا يصنعها غير الإيمان العظيم، وكلاهما ذبح نفسه بسكين الإخلاص وباعها لله واشتراها جلّ وعزّ برضاه.قد صدّق الرؤيا وحقّقها فعلاً.. فالله لا يريد إلاّ الإسلام والاستسلام بحيث لا يبقى في النّفس ما تكنّه عن الله أو تعزّه عن أمره أو تحتفظ به دونه ولو كان هذا هو الابن فلذة الكبد، وأنت يا إبراهيم قد فعلت وجدت بكلّ شيء في رضا وهدوء وطمأنينة ويقين، فلم يبق إلاّ اللّحم والدم وهذا ينوب عنه ذبح من دم ولحم. ويفدي الله هذه النّفس الّتي أسلمت وأدّت، يفديها بذبح عظيم، قيل إنّه كبش وجده إبراهيم مهيّأ بفعل ربّه وإرادته ليذبحه بدلاً من إسماعيل. وقيل له: {إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ}.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات