38serv
لم يكن يوما منصب المدرب المساعد في الطاقم الفني للمنتخب، في عهد رئيس الاتحادية الحالي، مهما بالدرجة التي يوليها محمد روراوة اليوم للشهادات، وبالشكل الذي يحرص فيه على ترويض النوادي المحترفة من أجل إرغامها على التعاقد مع مدربين رئيسيين ومساعدين أكفاء ويملكون شهادات “كاف” التي تقنن العمل التدريبي في الجزائر. القبضة الحديدية بين رئيس “الفاف” والنوادي الجزائرية، وإعلانه الحرب، عن طريق المديرية الفنية الوطنية، على فوضى مجال التدريب في الجزائر، ورفضه الاعتراف بأي شهادات تدريب غير قابلة للمعادلة على مستوى الكنفدراليات الكروية، يطرح عدة نقاط استفهام، ويستوقفنا الحرص الشديد للرجل القوي في الاتحادية على فرض النظام والقانون على النوادي دون المنتخب الوطني، بمعنى أن محمد روراوة يقدم للمدربين الجزائريين والأجانب، ولمسؤولي النوادي الجزائرية من هواة “الخروج عن القانون” أسوأ مثال، حين يغض الطرف عن التجاوزات الصارخة التي تحدث على مستوى المنتخب الجزائري، ويزكي إقدام مدربي المنتخب الوطني على إسقاط الشهادة والكفاءة حين يتعلق الأمر بالتعامل مع مدرب مساعد لـ«الخضر”. وفي الوقت الذي تفضح “الفاف” النوادي الجزائرية حين تتحايل على القوانين، وتجعل من مدرب حاصل على شهادة “كاف ب« لا يمكن أن يكون سوى مدرب مساعد في أي فريق، مدربا رئيسيا، فإنها (الاتحادية) لا تمانع أن يفضل المدرب الحالي للمنتخب الوطني كريستيان غوركوف ترقية يزيد منصوري إلى رتبة مدرب مساعد على حساب التقني الجزائري نبيل نغيز، وهو الذي لا يملك أية شهادات في التدريب.ولفت “الشعبوية” خطاب رئيس “الفاف” بقوله إن المدرب المساعد “الحقيقي” للمدرب الوطني غوركوف سيكون مدربا جزائريا شابا، على أن يكون الغرض من ذلك ضخ دماء جديدة من الكفاءة الوطنية في طاقم تدريب المنتخب الأول، تاركا الانطباع من وراء ذلك بأن حرصه على تواجد “الخبرة الجزائرية الخالصة”، مفادها “تلميع” صورة التقني الجزائري وتحضيره ليكون مستقبلا مدربا رئيسيا، غير أن الصورة التي جعلنا نغيز نحتفظ بها عنه في أول ظهور له على مقعد بدلاء المنتخب الأول، وهو يذرف الدموع عند سماع النشيد الوطني الجزائري، جعلتنا نقتنع بأن الرجل غير مصدق لما يحدث له وللمستوى الذي رشحه لتبوئها من اقترحه للمنصب، وهو مشهد يوحي بأن مجرد تولي منصب المدرب المساعد في المنتخب الأول، بالنسبة للمدرب نغيز، يغنيه عن المطالبة أو التفكير أصلا في المطالبة بأية صلاحيات أخرى.بريكسي.. من مشرف على الفيديو إلى معاينة المنتخباتويدرك رئيس “الفاف” بأن تنصيب منصوري مساعدا رسميا للمدرب الوطني ستتبعه موجة من الانتقادات والتساؤلات، وسيفضح الاتحادية وتضرب مصداقيتها في الصميم، ما جعله “يتفق” مع غوركوف على جعل منصوري على الورق مناجيرا عاما للمنتخب، غير أنه ميدانيا سيكون المساعد البارز على حساب نبيل نغيز الذي لا يبدو، من خلال توزيع المهام وطريقة العمل والتعامل، بأنه الرجل الثاني في الطاقم الفني لـ«الخضر”، بعد المدرب غوركوف. وما يعزز هذا الطرح، عدم تحرج كريستيان غوركوف في تكليف يزيد منصوري، القائد الأسبق للمنتخب الوطني، بمعاينة منافسي “الخضر” وإعداد تقارير تقنية عنهم، ومتابعة أداء اللاعبين الجزائريين، وهو عمل تقني محض لا يمكن لمدرب لا يملك شهادات في التدريب القيام به، بل أن ذلك لا يدخل أصلا في صلاحيات من تم تعيينه مناجيرا عاما.وورث الفرنسي غوركوف “سلوكيات مشينة” من سابقه على رأس “الخضر”، البوسني وحيد حاليلوزيتش، الذي اختار “صديقه” نور الدين قريشي مساعدا له رغم أن هذا الأخير لم يدرب أندية كبيرة، وكان آخر فريق له كمدرب رئيسي، نادي مونت من الدرجة الثانية الهاوية للبطولة الفرنسية، ثم راح حاليلوزيتش بعدها، يفضل عضوا في طاقمه لا علاقة له أصلا بمجال التدريب، حين كلف خبير الفيديو، سمير بريكسي، بمهام معاينة المنتخبات وإعداد تقارير فنية عنهم، دون أن يحرك رئيس “الفاف” أي ساكن.سعدان جلب مدربا “نكرة” وهدان تسابق مع مسترجعي الكراتولاحقت الانتقادات أيضا المدرب الوطني الأسبق رابح سعدان، في عهد الرئيس السابق لـ«الفاف” حميد حداج، ثم في عهد محمد روراوة أيضا، حين اختار في نهاية 2007، مدربا مساعدا غير معروف كان مصنفا “نكرة” في تلك الفترة، ويتعلق الأمر بالمدرب زهير جلول، رغم أن هذا الأخير يملك شهادات التدريب، غير أن الحقيقة أن المنتخب الجزائري صنع اسما للمدرب زهير جلول محليا ودوليا.وقلل المدرب الفرنسي جون ميشال كافالي، الذي درب “الخضر” قبل عودة سعدان، من قيمة المدرب المساعد، وجعل من مصطفى هدان مجرد عضو ينفذ قراراته بحذافيرها دون نقاش أو إبداء للرأي، ولم يتحرج وقتها هدان في مباراة “الخضر” أمام غينيا بملعب 5 جويلية الأولمبي، في الركض، بعد إشارة صغيرة واحدة له من كافالي، باتجاه البدلاء من اللاعبين وهم يقومون بعملية التسخين، لإخبار أحدهم بأن المدرب قد اختاره للدخول، ما لفت انتباه كل الجماهير الحاضرة وحتى من تابع المباراة على شاشة التلفزيون، كون هدان اختصر دوره في جلب اللاعبين، بنفس اندفاع الأطفال المنتشرين حول الملعب المكلفين بجلب الكرات.ولم يحقق أيضا محمد شعيب، الذي اختاره عبد الحق بن شيخة مساعدا له في وقت سابق على مستوى العارضة الفنية لـ«الخضر”، الإجماع، وطالت الانتقادات هذا الخيار من باب أن شعيب، في نظر المنتقدين، لا يملك الخبرة الكافية ولا الشهادات لتقديم الإضافة للمدرب الرئيسي.الاتحادات الأوروبية تحضر المساعدين لخلافة المدرب الرئيسيوتختلف “سياسة” روراوة بشأن منصب المدرب المساعد للمنتخب والاحترافية التي يناشدها، وهي لا تتماشى مع ما هو موجود على مستوى الاتحادات الأوروبية التي تحترم كل المناصب، وتجعل هذه السياسة من المدرب المساعد مجرد إجراء شكلي بعدما بلغ المنصب بنظرة رئيس “الفاف” درجة التمييع، بدليل أن المنتخب الفرنسي الذي دربه جيرار هويي ضمن تصفيات مونديال 1994، أشرف عليه، بعد فشل هويي في التأهل إلى المونديال الأمريكي، مساعده إيمي جاكي المتوج بكأس العالم الوحيدة للمنتخب الفرنسي سنة 1998، ثم ترك جاكي منصبه وخلفه مساعده روجي لومير.وعلى مستوى المنتخب الألماني، فإن رحيل يورغن كلينسمان من تدريب منتخب ألمانيا سنة 2006 فتح المجال أيضا لمساعده جواكيم لوف ليخلفه في منصب المدرب الرئيسي، والنتيجة تتويج ألمانيا باللقب العالمي سنة 2014 بالبرازيل، وهو ما يؤكد أن رؤية روراوة ورؤية بقية رؤساء الاتحادات الكروية عبر العالم لمنصب المدرب المساعد في المنتخب، متواجدتان على طرفي نقيض.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات