38serv
يقول اللّه الأستاذ محمد راتب النابلسي: الآية الكريمة: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} المدثر. الإنسان رهين عمله، مرهونٌ بعمله، فإن استقام على أمر اللّه فهو مطلق، القيد ينتهي إلى الإطلاق، والتفلت ينتهي إلى القيد، إنّك إن لزمتَ الشّرع، ووقفت عند الحدود ولم تتعدها كنت طليقًا يوم القيامة، أمّا إن كنت طليقًا في الدّنيا، كنت مقيّدًا يوم القيامة، التقيّد بالمنهج يؤدّي إلى الحرية، والحرية بمعنى التفلت من منهج اللّه عزّ وجلّ، يؤدّي إلى القيد العبرة بالنتائج، العبرة لمن يضحك في الأخير.قال تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} القصص. العبرة وضع الإنسان يوم الدّين، الدّنيا دار عمل، دار بلاء، دار امتحان، دار سعي، أمّا الآخرة دار مكافأة، فالّذي تفلّت في الدّنيا من قيود الشّرع يجد نفسه رهينًا يوم القيامة، وأوضح مثل: أنت في الدّنيا، المواطن الّذي يتقيّد بالقوانين والأنظمة حر، يذهب إلى حيث يشاء، يتعامل مع من يشاء، أمّا الّذي يتجاوز حدوده، ويقع في المخالفات، يفقد حريته.فربّنا عزّ وجلّ يقول: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}، والأصحّ من ذلك، لا تنظر إلى حدود اللّه عزّ وجلّ على أنّها قيود، انظر إليها على أنّها حدود. تمامًا كما لو كنت في مكانٍ منبسط، تتنزه، فإذا بلوحةٍ كتب عليها ممنوع التّجاوز حقل ألغام، هل تحقد على من وضع هذه اللّوحة، أم تشكره، هل أراد من هذه اللّوحة أن يقيّد حريتك، أم أن يضمن سلامتك.حدود اللّه عزّ وجلّ سلامةٌ للإنسان، الّذي يتقيّد بمنهج اللّه، يهديه اللّه عزّ وجلّ سبل السّلام، يعني في سلام في بيته، في عمله، مع نفسه مع ربّه، مع من حوله، هذا السّلام شيء لا يقدّر بثمن، هذه الآية: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} سورة المدثر.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات