38serv
قال الكاتب ياسمينة خضرا إن روايته الجديدة ”الليلة الأخيرة للرايس” يحمل قصصا واقعية عن حياة وطفولة الراحل معمر القذافي، وكيف دخل في تلك الذهان الهذياني ”بارانويا”، تم سردها له من قبل ضباط سامين خلال فترة تربص عسكرية جمعت بينهم وبينه في موسكو، عايشوا هذه الشخصية، واعتبر في حوار لـ ”الخبر” بباريس أن تأليفه للكتابكان برغبة إعطاء القذافي الكلمة التي حرم منها في الليلة الأخيرة أين كان وحيدا.لماذا اخترتم شخصية القذافي في كتابكم الأخير ”الليلة الأخيرة لرايس” وهل هو تكريم لذكراه؟ أولا لأنني كاتب حر، وأختار الأحداث التي تهمّني وأريد فهمها. كان القذافي لفترة طويلة من الزمن صورة غربية، مجسدة في الكلمة التي يتوقف عندها عالمه ”طاغية ”، ورغبت بكل بساطة في إعطائه الكلمة التي تمت سرقتها منه يوم تعرضه إلى ذلك العنف الجماعي وممارسته عليه، والكتاب أتى للحديث عن الرجل، كيف عاش، وكيف أصبح حاكما وكيف انحرف، بما فيه حياته الخاصة. هل قلت أنا هذا تكريم؟ لا، لم أقل بأنه تكريم، وإنما رويت حكاية القذافي بحقيقتها، سردت بعض الحقائق لأن الإشاعات والوشاية الكاذبة اليوم تشوه مصير الأشخاص وأنا رويت قصته كما كان عليها. كنتم قد تقمّصتم شخصيته واستعملتم ضمير المتكلم فلماذا يا ترى؟ لأنه ولا أحد كان معه تلك الليلة وأنا تخيلته، رغبت في تقمص شخصيته، كان لديّ الكثير لسرده حول تلك الليلة، حياته، طفولته وقلقه وتوتره وحماسه ومشاريعه وخيبة الأمل لأن القذافي قدم بحماس شديد.كيف تفسّر سر سردكم تفاصيل دقيقة في مشهد الليلة الأخيرة حتى يهيأ للقارئ أنكم شهدتم على تلك اللحظات؟ ذلك راجع ربما إلى الموهبة، وأنا لدي حظ في معرفة العامل الإنساني، ولدي الحظ أيضا في معرفة التمييز بين الصح والخطأ والقذافي كان لفترة زمنية طويلة شخصية أكاذيب، وأردت من خلال هذا الكتاب إعطاءه حقه من الحقيقة، من بينها توضيح هذا المشهد للعنف الجماعي الممارس عليه المملوء بالأكاذيب.هناك بعض التفاصيل مشوقة في الكتاب هل هي حقائق أم من وحي الخيال؟ هذا هو بالتحديد ما أردت قوله، إنه كتاب الإشاعات، ولم أختلق أي شيء باستثناء لوحة ”فان غوغ ”، ولكن باقي التفاصيل كلها من الواقع، وما جاء على لسان أصدقاء معمر القذافي، من ضباط سامين في الجيش، إذ سبق وأن سمحت لي الفرصة الالتقاء والاحتكاك بهم في الثمانينيات في موسكو، حيث كنا في نفس الدفعة من التربص العسكري، وكانوا يعرفون عديد الحقائق عن القذافي. إذن هي قصص تم سردها لي فهل هي حقائق أم غير ذلك، لا أعلم صحتها، بل دوّنت في كتابي ما سبق وروي لي من تفاصيل تعلقت بحياته وطفولته ولا أدري إذا كانت حقائق أم أكاذيب.ولكن ”لوحة فان غوغ” وربطها بما تقوله الأم لابنها القذافي من وحي خيالكم؟ نعم، كنت أرغب في وضع لمستي الشخصية والجمالية، وكانت تنقصني هذه الهوائية المقعرة من أجل وصف اللحظة الأخيرة من سقوط القذافي ونهاية الكتاب، ولا أرغب في إعطاء المزيد من التفاصيل عن ذلك وكشف محتويات الكتاب، وأنا أفضّل أن يكتشف القارئ ذلك بنفسه، لكنني حاولت في سرد اللحظات الأخيرة إعطاء الراحل معمر القذافي كل المساحة التي يستحقها لأنه شخصية فذة .قلتم في الكتاب أن القذافي تعرض إلى الإهانات أينما ذهب، وذلك ما جعل منه تلك الشخصية المستبدة؟ نعم. تعرض القذافي إلى الخيانة والخداع من أقرب المقربين إليه، وكان منبوذا من قبل العالم كله، ويعيش دوما تحت طائلة التهديدات بالموت مسموما أو مقتولا، ومن أجل ذلك دخل في حالة الذهان الهذياني ”بارانويا ”، التي جعلت منه الرجل الذي كان عليه. كان القذافي في بداية المشوار، رجلا شهما، وكان يكن كل الحب والمحبة لشعبه، ويرغب في تحقيق أشياء عديدة في ليبيا، وحتى في العالم العربي، لكنه خذل وأحتقر من قبل الحكام العرب، وتلك الوحدة التي رمى نفسه فيها، هي التي صنعت منه تلك الشخصية التي كان عليها. وفي السياق ذاته، ما هو موقفكم من التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا؟ هي جريمة كبرى اليوم. أعتقد أن الجواب على ذلك هذا الواقع الذي يتحدث لوحده عن ليبيا اليوم، حيث أصبح فيها الوضع كابوسا لا يصدّق ولا يطاق وخطرا على المنطقة بأكملها. لا يوجد لهذا التدخل العسكري محل من الإعراب، وهو مغامرة تافهة تسببت في إخلال موازين البلد، والوحيد الذي كان قادرا على السيطرة في ليبيا ولمّ الشمل هو القذافي، لم يتم قتله لأنه طاغية، وإنما تم قتله لأنه رفض تقسيم الكعكة الليبية مع الدول الغربية، وبالأصح لم يكن يرغب في تقسيم بلده ليبيا مع الغرب.هل تعتقدون أن مصير سوريا سيكون كمصير ليبيا بالنظر إلى ما يحدث اليوم؟ في الحقيقة هناك مناورات في هذا المسعى، لكن بشار الأسد يتمتع بذكاء شديد ولن يسمح بوقوع ذلك وهو لم يتم خذله من طرف الجميع مقارنة بالراحل معمر القذافي. وبشار الأسد لديه كل الدعم من قبل روسيا والصين وإيران، في حين أن القذافي تم إهماله وتجنّبه من قبل الجميع ومن طرف العرب، وهي المهزلة الكبرى في تاريخ القرن الواحد والعشرين.كيف تفسّرون الصدى العالمي الذي حققه كتابكم؟ هو كتاب مزعج، وعديد القراء لحد الآن، وجدوا أن ما دوّنته يحمل جملة من الحقائق الليبية، تضم انتقادات لم يصادفها في وسائل الإعلام السياسية الغربية، وبعض التفاصيل عن حقائق الدول الغربية مما غيّر من وجهة نظر القراء حول قضية القذافي. ولا أزال بصدد التجوال من بلد إلى آخر بحكم الرواج الكبير الذي عرفه الكتاب على مستوى الساحة الأدبية العالمية وموعد ”فرانك فورت” سيكون موعد الحسم بالنسبة لي، كما تمت ترجمته إلى 8 لغات أجنبية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات